قال المقريزى: هذا الجامع فى الحسينية خارج باب النصر. أنشأه الأمير سيف الدين الحاج آل ملك، وكمل وأقيمت فيه الخطبة يوم الجمعة تاسع جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة. والأمير سيف الدين هذا أصله مما أخذ فى أيام الملك الظاهر من كسب الأبلستين لما دخل إلى بلاد الروم فى سنة ست وسبعين وستمائة، وصار إلى الأمير سيف الدين قلاوون وهو أمير قبل سلطنته، فأعطاه لابنه الأمير على، وما زال يترقى فى الخدم إلى أن صار من كبار الأمراء المشايخ رؤوس المشورة فى أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون، وتولى نيابة حماة فى سلطنة الناصر أحمد، ثم قدم إلى مصر فى تولية الصالح إسماعيل وأقام بها مبجلا إلى أن أمسك الأمير آق سنقر السلارى نائب السلطنة بديار مصر فولاه النيابة مكانه، وشدد فى الخمر إلى الغاية وحدّ شاربها، وهدم خزانة البنود وأراق خمورها وبنى بها مسجدا وحكرها للناس فسكنت، وأمسك الزمام زمانا إلى أن تولى الملك الكامل شعبان فأخرجه أول سلطنته إلى دمشق نائبا بها، فلما كان فى أول الطريق حضر إليه من أخذه وتوجه به إلى صفد نائبا بها فدخلها آخر ربيع الآخر سنة سبع وأربعين وسبعمائة، ثم سأل الحضور إلى مصر فرسم له بذلك، فلما توجه ووصل إلى غزة أمسكه نائبها ووجهه إلى الإسكندرية فى سنة سبع وأربعين فخنق بها، وكان خيرا فيه دين وعبادة يميل إلى أهل الخير والصلاح، وعمر غير هذا الجامع دارا مليحة عند المشهد الحسينى، ومدرسة بالقرب منها رحمة الله عليه.
وفى طبقات الشعرانى أنه أقام بهذا الجامع الشيخ الصالح المعتزل عن الناس إبراهيم نحو أربعين ستة، صابرا على الوحدة حين خربت حارة الجامع ليلا ونهارا شتاء وصيفا، وكانت الأكابر تتردد إليه للتبرك به، وكان يلبس العمامة أو الثوب لا يخلعها حتى تذوب عليه مات سنة نيف وسبعمائة، وقد تخرب هذا الجامع واندرست معالمه.
[جامع إبراهيم أغا]
هذا الجامع بقرب قلعة الجبل بين باب الوزير والتبانة. وكان أولا يعرف باسم منشئه آق سنقر الناصرى السلارى.
قال المقريزى: كان موضعه فى القديم مقابر أهل القاهرة، أنشأه الأمير آق سنقر الناصرى، وبناه بالحجر وجعل سقوفه عقودا من حجارة، وزخمه واهتم فى بنائه اهتماما