وإبراهيم بيك المتقدّم الذكر هو غير إبراهيم بيك الصغير لأنه - كما فى الجبرتى - الأمير إبراهيم بيك الصغير المعروف بالوالى، وهو من مماليك محمد بيك أبى الذهب أيضا. تقلّد الزعامة بعد موت أستاذه، ثم تقلّد الإمارة والصنجقية فى أواخر جمادى الأولى سنة اثنتين وتسعين ومائة وألف، وهو أخو سليمان بيك المعروف بالأغا. وعند ما كان هو واليا كان أخوه أغات مستحفظان، وأحكام مصر والشرطة بينهما. وفى سنة سبع وتسعين تعصّب عليه مراد بيك وإبراهيم بيك الكبير، وأخرجوه منفيا هو وأخوه سليمان بيك وأيوب بيك الدفتردار، فسافروا إلى جهة قبلى، وكان هناك عثمان بيك الشرقاوى ومصطفى بيك، فاجتمعوا عليهما، وعصى الجميع، فأرسل مراد بيك يطلب عثمان بيك ومصطفى بيك، فأبيا وقالا: لا نرجع إلى مصر إلا بصحبة إخواننا، وإلا فنحن معهم أينما كانوا. فجهّزوا لهم تجريدة، وسافر بها إبراهيم بيك الكبير، فضمّهم وصالحهم، وحضر بصحبة الجميع إلى مصر، فحنق مراد بيك وخرج مغضبا إلى الجيزة، ثم ذهب إلى قبلى، وجرى بينهما ما جرى من إرسال الرسل ومصالحة مراد بيك ورجوعه وإخراج المذكورين ثانيا إلى ناحية القليوبية. وخرج مراد بيك خلفهم، وقبض عليهم ونفاهم، ثم رجعوا إلى مصر بعد خروج مراد بيك إلى قبلى، واستمرّ أمرهم على ما ذكر إلى أن ورد حسن باشا.
وتولى المترجم إمارة الحج سنة مائتين وألف، ولم يسافر به. وصاهر المترجم إبراهيم بيك الكبير، فزوّجه ابنته، ولم يزل فى سيادته وإمارته حتى حضر الفرنساوية، ووصلوا إلى برّ انبابه، ومات هو فى ذلك اليوم غريقا، ولم تظهر له رمة، وذلك يوم السبت سابع صفر سنة ثلاث عشرة ومائتين وألف. (انتهى).
(قلت): والذى يغلب على الظن أن عطفة الحنا المذكورة هى حارة المصامدة التى ذكرها المقريزى فى خططه، بدليل ما ذكره فى ترجمة جامع قوصون من أنه فى موضع دار كانت بجوار حارة المصامدة، فمنه يعلم أن حارة الحنا هى حارة المصامدة، لأنها الآن هى التى بجوار جامع قوصون. قال المقريزى: وعرفت حارة المصامدة بطائفة المصامدة، إحدى طوائف عساكر الخلفاء الفاطميين، واختطت فى وزارة المأمون البطائحى وخلافة الآمر بأحكام الله بعد سنة خمس عشرة وخمسمائة.
قال: فبنيت الحارة على يسرة الخارج من الباب الجديد، وبنى بجانبها مسجد على زلاقة الباب المذكور. قال: وحذر من بناء شئ قبالتها فى الفضاء الذى بينها وبين بركة الفيل،