للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان كل من بنى جامعا وقفه لله، ووقف عليه الأوقاف الدارة، ورتّب له الخدمة والمؤذنين والأئمة وغير ذلك.

والآن قد اندثر جميع المدارس، وصارت جوامع، ولم يبق محلا مختصا بالتدريس وللمدرسين فيه رواتب من جهة الحكومة والأوقاف، إلا الجامع الأزهر فقط، وتقام الجمعة فيه، وفى جميع الجوامع المذكورة، بل وفى بعض الزوايا.

وفى المقريزى أن المدارس مما حدث فى الإسلام، ولم تكن تعرف فى زمن الصحابة ولا التابعين، وإنما حدثت بعد سنة أربعمائة من الهجرة، وأول مدرسة بنيت ببغداد سنة سبع وخمسين وأربعمائة، ومصر كانت حينئذ فى يد الفاطميين، وهم شيعة إسماعيلية.

وأول ما علم إقامة درس من قبل السلطان بمعلوم جار لطائفة من الناس، كان فى خلافة العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله فى الجامع الأزهر، والوزير يعقوب بن كلس كان يقرأ درسا فى داره، كان يقرأ فيه كتاب فقه على مذهبهم، وعمل مجلسا بجامع عمرو أيضا.

***

[مطلب إبطال مذهب الشيعة من جميع الديار المصرية]

ولما صارت مصر إلى الأيوبية، وجلس على تختها يوسف صلاح الدين أبطل مذهب الشيعة من جميع الديار المصرية، وأقام بها مذهبى الإمام مالك والإمام الشافعى، وأول مدرسة حدثت بديار مصر كانت بجوار الجامع العتيق بناها صلاح الدين سنة ست وستين وخمسمائة، وعرفت بالمدرسة الناصرية وكانت للشافعية، وبنى فى السنة المذكورة المدرسة القمحية بقرب الناصرية للمالكية، وبنى أيضا المدرسة السيوفية للشافعية.

وحذا حذو صلاح الدين خلفاؤه من الأيوبية، حتى كانت عدة المدارس بعد زوال ملكهم خمسا وعشرين مدرسة، منها الخاصة الشافعية سبعة، وللمالكية ستة، وأربعة للحنفية، وواحدة للحنابلة.

وتارة كان يدرس بالمدرسة مذهبان، فكان للشافعية والمالكية معا أربعة مدارس، ومثلها للشافعية والحنفية.

ولما تولى الملك من بعدهم مماليكهم، ساروا سير ساداتهم، وحذا حذوهم أمراؤهم، وأصحاب الأموال من الرجال والنساء، حتى كمل عدد المدارس إلى آخر حياة المقريزى