وألف، وكان ذا بأس وشدّة وإقدام وشجاعة وتهور مشابها لحسن بيك الجداوى فى هذه الفعال، وكانت موائده مبسوطة وطعامه مبذولا وداره بأسيوط مقصدا للوارد والقاصد والصادر من الأمراء وغيرهم، وله صدقات وأنواع من البرّ ومحبة فى العمارة وغراس الأشجار واقتناء الأنعام، وكان متزوجا بثلاث زوجات؛ إحداهن ابنة سيده عثمان بيك، والثانية ابنة خشداشه عبد الرحمن بيك، والثالثة زوجة علىّ كاشف المعروف بجمال الدين، وكان ذا تجارؤ على سفك الدماء فبذلك خافته عرب الناحية وأهل القرى، وقاتل العرب مرارا، وقتل منهم الكثير، وبسكناه بأسيوط كثرت عمارتها وأمنت طرقها برا وبحرا وسكنها الكثير من الناس. (انتهى).
ثم بعد عطفة الكاشف حارة الأشراقية، يتوصل منها لحارة درب سعادة وغيرها.
وبهذا الشارع أيضا وكالتان: إحداهما بوسطه، وهى كبيرة بدائرها عدة حواصل، وبظاهرها عدة دكاكين معدة لبيع القطن وغيره من المساند ونحوها، والأخرى بجوارها، وهى كالأولى، وكلتاهما من إنشاء أمين باشا الشهير بالأعمى.
[ترجمة ذى الفقار بيك]
وإحدى هاتين الوكالتين، وهى التى بقرب رأس حارة الجودرية، أصلها من إنشاء ذى الفقار بيك الذى ترجمه الجبرتى فقال: هو الأمير الكبير ذو الفقار بيك الفقارى أصله مملوك عمر أغا من أتباع بلغيه، التجأ إلى على خازندار حسن كتخدا الجلفى بعد موت سيده، ثم بعد موت حسن كتخدا انطوى إلى محمد بيك جركس، وقتل ابن ايواظ، ثم بعد ذلك ترقى إلى رتبة الصنجقية وكشوفية المنوفية، وانضم إليه كثير من الفقارية، وصار صاحب الحل والعقد، فتعصب عليه القاسمية، فحصل بسبب ذلك أمور كثيرة بسطها الجبرتى فى ترجمته وانتهت بقتله فى بيته غدرا، وذلك فى أواخر شهر رمضان سنة اثنتين وأربعين ومائة وألف.
وكان أميرا جليلا شجاعا بطلا مهيبا كريم الأخلاق مع قلة إيراده وعدم ظلمه، وكان يرسل البلكات والكساوى فى شهر رمضان لجميع الأمراء والأعيان والوجاقات، ويرسل لأهل العلم بالأزهر ستين كسوة ودراهم تفرّق على الفقراء المجاورين بالأزهر. ومن إنشائه الجنينة والحوض ببركة الحاج والوكالة التى برأس الجودرية ولم يتمها. (انتهى).