وفى سنة ألف وسبعمائة وسبع وسبعين ميلادية، ساح فى أرض مصر العالم سوارى الفرانساوى، ودخل مدينة فوة، فرأى أغلب حاراتها متعطلة عن الحركة، وتهدم أكثر مبانيها، وحصل الخراب فى مساجدها، وتعطلت عن الشعائر، ولم يكن بها إذ ذاك غير قليل من السكان، ولم تزل تتقلب فى الأحوال والحوادث، فتارة تتقدم وتارة تتأخر، وفى وقتنا هذا هى عامرة جيدة البناء، منازلها على دورين أو ثلاثة مع المتانة بالمونة القوية، ومساجدها كثيرة نحو الثمانية عشر، ما بين جامع وزاوية، وكلها مقامة الشعائر، وبعضها قديم جدا مع المتانة وحسن الوضع، حتى يخيل للناظر أنها جددت فى زمن قريب، ولبعضها منارات ولجامع أبى النجاة الذى فوق البحر منارة مرتفعة عن أرض الجامع نحو ثمانين مترا، ولم تتغير مع طول الزمان، وأقدم جوامعها فيه ضريح مشهور لسيدى عبد الله البرلسى، ثم جدد فى سنة ألف ومائتين وسبع وسبعين من طرف المرحوم مصطفى باشا أخى الخديوى إسماعيل، ولقرب بعضها من البحر، تملأ ميضأته وأخليته منه، ولبعضها البعيد عنه آبار على عادة المساكن.
[ترجمة الأمير حسن بن نصر الله الأستادار]
وفى:(الضوء اللامع) للسخاوى أن أحد مساجدها التى على البحر كان مدرسة حسنة، أنشأها الأمير حسن بن نصر الله الأستادار، وجعل فيها خطبة وتدريسا، قال: وكانت ولادته بفوة فى ربيع الأول سنة ست وستين وسبعمائة، وتزوج بابنة ناظرها ابن الصغير، وقدم القاهرة وهو فقير جدا، فكتب التوقيع بباب القاضى، ثم خدم شاهدا فى ديوان أرغون شاه أمير مجلس فى دولة الظاهر برقوق، ثم ولى الحسبة ونظر الجيش، ثم الوزارة ثم الخاص فى دولة الناصر فرج،