ببناء ما تهدم منها فى سنة ٦٧٣، وبنى مكان القبة مسجدا، وهدم فى ذى الحجة سنة ٧٠٢ من زلزلة، ثم بنى فى سنة ٧٠٣، وهو باق إلى يومنا هذا.
وبينها وبين مدينة إسكندرية فى هذا الوقت نحو ميل، وهى على طرف لسان من الأرض قد ركبه البحر، وهى مبنية على فم مينا إسكندرية، وليست المينا القديمة لأنها فى المدينة العتيقة، ولا ترسو فيها المراكب لبعدها عن العمران، والمينا هى الموضع الذى ترسو فيه مراكب البحر إلى آخر ما قال.
وفى سنة ٣٤٤ تهدم من المنارة نحو ٣٠ ذراعا من أعلاها، بالزلزلة التى كانت ببلاد مصر وكثير من بلاد الشام والمغرب فى ساعة واحدة؛ على ما وردت به الأخبار المتواترة ونحن بفسطاط مصر.
[مطلب المجمع الذى كان للمنارة]
وكان لهذه المنارة مجمع فى يوم خميس العدس، يخرج فيه أهل إسكندرية إلى المنارة من مساكنهم، ولا بد أن يكون فيها عدس، فيفتح باب المنارة وتدخله الناس، فمنهم من يذكر الله، ومنهم من يصلى، ومنهم من يلهو ولا يزالون كذلك إلى نصف النهار ثم ينصرفون. ومن ذلك اليوم يحترس على البحر من هجوم العدوّ.
وقال بعضهم: إنه قاسها فوجد طولها ٢٣٣ ذراعا، وهى ثلاث طبقات، الطبقة الأولى مربعة وهى ١٢١ ذراعا ونصفا، والثانية مثمنة وهى ٨١ ذراعا ونصفا، والطبقة الثالثة مدوّرة وهى ٣١ ذراعا ونصف ذراع.
وذكر ابن جبير فى رحلته أن منار إسكندرية يظهر على بعد ٧٠ ميلا فى البحر، وأنه قاس أحد أضلاع المنارة فى سنة ٥٧٨ هجرية فوجده يزيد على ٥٠ ذراعا، وأن الارتفاع يزيد على ٥٠ باعا، وفى أعلاها مسجد يتبرك الناس بالصلاة فيه.