وأما أرغون النائب الدوادار الناصرى، فهو نائب السلطنة، أحد المماليك المنصورية، اشتراه قلاوون صغيرا لولده الملك الناصر محمد، فربى معه ولاذ به حتى فى توجهه إلى الكرك، فأنعم عليه بالإمرة فى شوّال سنة تسع وسبعمائة، وقدمه إلى/أن خلع عليه، وعمله نائب السلطنة بمصر بعد بيبرس المنصورى، فسار أحسن سيرة، وحج فى سنة خمس عشرة، وخلص كثيرا من الناس من شدائد كان السلطان أراد ينزلها بهم، وخلف السلطان فى غيبته للحج من أول ذى القعدة إلى أن قدم المحرم سنة عشرين، ومشى من مكة إلى عرفة، وقضى الحج ماشيا على قدميه بسكينة فى هيئة الفقراء، ومات بحلب ليلة السبت ثامن عشر شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، عن بضع وأربعين سنة، رحمه الله تعالى.
*** وكانت الإقامة بخليص إلى ما بعد العشاء بأربعين درجة والعادة ستون، وسار فمر على مدرج عثمان ﵁ وبئر وادى عسفان، وغدى بأول الديسة؛ اسم لمحل نبت بعد الشمس بعشر درج، فكان مدة مسيره مائة وخمسا وأربعين درجة، يسيرون من خليص فى الفضاء فى محاطب إلى الديسة، واللصوص هناك بكثرة، ثم يدخلون مدرج الإمام عثمان، والعامة ينسبونه للإمام على ﵁، وهو كثير الوعر صعب المسالك وبه مضايق، إلى بئر عسفان بها ماء عذب سائغ شرابه، يقال إن النبى ﷺ شرب منه، يتزودون منها وربما يسمون المنزلة بها.