ويأخذون كسوة المقام فيطوفون بها فى شوارع المدينة، ومن كان عليه نذر يوفيه فى تلك الليلة أو يومها، ثم يجتمعون فى الجامع للأذكار وتلاوة القرآن ودلائل الخيرات، ونحوها إلى الصباح.
[ترجمة والد الجلال السيوطى]
وقد ترجم فى حسن المحاضرة أيضا والده فقال: هو الإمام العلامة كمال الدين أبو المناقب أبو بكر بن محمد بن سابق الدين أبى بكر الخضيرى السيوطى، ولد ﵀ بأسيوط بعد ثمانمائة تقريبا، واشتغل ببلده، وتولّى بها القضاء قبل قدومه إلى القاهرة، ثم قدمها فلازم العلامة القاياتى، وأخذ عنه الكثير من الفقه والأصول والكلام والنحو والإعراب والمعانى والمنطق، وإجازة بالتدريس فى سنة تسع وعشرين، وأخذ عن الشيخ باكير، وعن الحافظ ابن حجر علم الحديث، وسمع عليه حديث مسلم إلا فوتا، مضبوطا بخط الشيخ برهان الدين بن خضر سنة سبع وعشرين، وقرأ القراءات على الشيخ محمد الجيلانى، وأخذ أيضا عن الشيخ عز الدين القدسى وجماعة، وأتقن علوما جمة، وبرع فى كل فنونه، وكتب الخط المنسوب، وبلغ فى صناعة التوقيع النهاية، وأقرّ له كل من رآه بالبراعة فى الإنشاء، وأذعن له فيه أهل عصره كافة، وأفتى ودرّس سنين كثيرة، وناب فى الحكم بالقاهرة عن جماعة بسيرة حميدة وعفة ونزاهة، وولى درس الفقه بالجامع الشيخونى، وخطب بالجامع الطولونى. وكان يخطب من إنشائه، بل كان شيخنا قاضى القضاة شرف الدين المناوى فى أوقات الحوادث يسأله فى إنشاء خطبة تليق بذلك ليخطب بها فى القلعة. وأمّ بالخليفة المستكفى بالله، وكان يجله إلى الغاية ويعظمه، ولم يكن يتردّد إلى أحد من الأكابر غيره.
وأخبرنى بعض القضاة أن الوالد دار يوما على الأكابر ليهنئهم بالشهر، فرجع آخر النهار عطشان فقال له: قد درنا فى هذا اليوم ولم تحصل لنا شربة