للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمراء على إقامة الأشرف مظفر الدين موسى من ذرية الأيوبية شريكا له فى السلطنة، فأقاموه معه وعمره نحو ست سنين، وصارت المراسيم تبرز عن الملكين، إلا أن الأمر والنهى للمعز، وليس للأشرف سوى مجرد الاسم، إلى أن قبض عليه المعز، وسجنه سنة خمسين وستمائة، وقطع اسمه من الخطبة، وانفرد بالسلطنة.

[مطلب أول من تولى الوزارة من الأقباط]

واتخذ شرف الدين أبا سعيد هبة الله بن صاعد الفائزى وزيرا، وهو أول قبطى ولى الوزارة فى دار مصر، فأحدث مكوسا سماها الحقوق السلطانية، فحصل للناس منه ما لا خير فيه، وقامت عرب الصعيد، فوجّه إليهم الملك المعز عساكره فأفناهم، ثم لم يحزم أمره، وعتا وظلم، فتركه أغلب الأتراك.

ومن أول جلوسه على التخت أمر بتخريب قلعة الروضة، فخرّبت، وعمّر مدرسته التى كانت معروفة بالمعزية، فى رحبة الحناء بمدينة مصر بمحل منازل العز، وتقدم ذكرها.

وخرب ميدان القلعة سنة إحدى وخمسين وستمائة، وهو من بقايا ميدان أحمد بن طولون، وكان قد هجر إلى أن بناه الملك الكامل محمد بن العادل بن أبى بكر بن أيوب فى سنة أحدى عشرة وستمائة، وأجرى إليه الماء، ثم تعطّل مدة، وعمّره ابنه الملك العادل أبو بكر محمد ابن الكامل محمد، وبعده اهتم به الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل، وجدّد له ساقية أخرى، وأنشأ حوله الأشجار، ثم تلاشى إلى أن هدمه الملك المعز أيبك، وقال له منجمه مرة: إن امرأة تكون سببا فى قتلك، فأمر أن تخرّب الدور والحوانيت من عند قلعة الجبل بالتبانة إلى باب زويلة وإلى باب الخرق وإلى باب اللوق، أعنى عند جامع الطباخ إلى الميدان الصالحى، وأمر أن لا يترك باب مفتوح بالأماكن التى يمر بها يوم ركوبه إلى الميدان، ولا تفتح أيضا طاقة. وهذا يدل على أن الدرب الأحمر والمحجر، من باب زويلة إلى باب اللوق كان عامرا فى وقت الأيوبية، بل ربما كان ذلك فى آخر دولة الفاطميين، لأن حارة اليانسية منسوبة إلى يانس - أحد وزراء الفاطميين. ثم اتفق أن وقع لهذا الملك ما أخبره به منجمه، وذلك أنه قتلته زوجته شجرة الدر فى سنة خمس وخمسين وستمائة، وكانت مدته نحو سبع سنين، وكان ظلوما غشوما، سفاكا للدماء، أفنى خلقا كثيرا.