(والذراع فى المقياس ثمانية وعشرون إصبعا إلى أن ينتهى إلى اثنى عشر ذراعا، وبعد ذلك يصير اعتباره أربعة وعشرين إصبعا).
[(وصف جزيرة الروضة)]
اعلم أنه قد ألف العالم الفاضل الشيخ جلال الدين السيوطى كتابا سماه «كوكب الروضة» أطال فيه القول على هذه الجزيرة وتقلبات أحوالها من حين الفتح الإسلامى إلى زمنه، فمن يرد استيفاء القول فى هذه الجزيرة فعليه بمراجعة هذا الكتاب الجليل و «خطط المقريزى»؛ لأننا فى هذا الكتاب لا نقصد إلا مقياس النيل نفسه، ولا نتكلم على جزيرة الروضة إلا بغاية الإيجاز فنقول: لم نقف على الوقت الذى بدأت فيه هذه الجزيرة بالظهور، فهل هى جزيرة تكونت من رسوب الطمى حول بعض المواضع كما حصل فى تكوين غيرها من الجزائر؟ أو هى قطعة من أرض مصر القديمة انفصلت بحادثة من الحوادث؟.
ويؤخذ من قول المقريزى إن هذه الجزيرة كانت تجاه القصر، وإليها التجأ المقوقس لما فتح الله على المسلمين قصر الشمع (١) وصار بها هو ومن معه من جموع الروم والقبط، وهى من أحسن المواضع هواء ومنظرا، وماء النيل يضرب فيها من جميع الجوانب، وبسبب استحكامها وقربها من التخت تقلبت بين أمرين: فتارة كانت تجعل حصنا للمدافعة، وتارة تجعل منتزها.
وكان يسكنها الأمراء والأعيان، ولم تزل إلى الآن عامرة بالدور الفاخرة، والمبانى النضرة، وبها البساتين والحدائق، وبها من الآثار القديمة:«مقياس النيل» فى بناء عتيق محله فى نهايتها القبلية، يحيط به قصر حسن باشا المانسترلى كتخدا مصر فى زمن المرحوم عباس باشا. وسنورد عليك
(١) أنشئ بعد أن خرب بختنصر مصر. وكان يوقد فيه الشمع فى أول كل شهر عربى ليعلم الناس أن الشمس انتقلت من برج إلى آخر. وانظر الفضائل الباهرة، ص ٩٣.