لما قدم القائد جوهر بعساكر الفاطميين إلى ساحل الفسطاط وقت الزوال من يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من شهر شعبان سنة سبع وخمسين وثلثمائة نزل بحرى الفسطاط فى الأرض التى فيها اليوم الجامع الأزهر وبيت القاضى وخان الخليلى وبين القصرين وما جاورهما من الأماكن التى بين الجبل والخليج. وكانت هذه البقعة رمالا فيما بين مصر الفسطاط وعين شمس - التى تسمى الآن بالمطرية - يمر بها الناس عند مسيرهم من الفسطاط إلى عين شمس، فيما بين الخليج، المعروف فى أول الإسلام بخليج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁، والخليج المعروف باليحاميم لمروره بجانبها، إذ اليحاميم اسم للجبل الأحمر الكائن بشرق العباسية. وكان ذلك الخليج يمر بقربها، وقد زال من مدة ولم يبق له أثر.
وعند نزول جوهر بهذه الرملة لم يكن بها بنيان غير البساتين وأماكن قليلة، منها بستان الإخشيد محمد بن طغج المعروف بالكافورى، وكان هذا البستان فى شرقى الخليج - محله اليوم فيما بين جامع الشعرانى والسكة الجديدة قريبا من قنطرة الموسكى - ممتدا فى الجهة الشرقية إلى النحاسين، وكانت مساحته تبلغ ستة وثلاثين فدانا بمقياسنا اليوم، وبجانبه من الجهة القبلية ميدان الإخشيد - ومحله الآن من بر الخليج الشرقى إلى شارع السكرية والغورية.
وكان فى محل الجامع الأقمر دير للنصارى، يعرف بدير العظام، تزعم النصارى أن فيه بعض من أدرك المسيح ﵇، وبئر هذا الجامع هى بئر ذلك الدير، وتعرف ببئر العظام، وتسميها العامة ببئر العظمة.
وكان بهذه الرملة أيضا موضع آخر يعرف بقصيّر الشوك (بصيغة التصغير)، تنزله بنو عذرة فى الجاهلية، وصار عند بناء القاهرة خطا، يعرف بقصر الشوك.
وفى تلك الحقبة كان الخليج المصرى ينتهى إلى قنطرة بناها عبد العزيز بن مروان سنة تسع وستين - موضعها الآن منتهى حارة السيدة زينب ﵂ وكانت الحارة طريقا لا بناء فيه، تمر الناس من فوق تلك القنطرة إلى بره الغربى. وإلى ساحل النيل.