بغداد وهم مائتا ألف، فتلقتهم عساكر الإسلام واقتتلوا قتالا عظيما، وقد ابتلى المؤمنون فى ذلك اليوم بلاء حسنا، وكان يوما مشهودا سالت فيه الدماء على وجه الارض، وأنتنت الأرض من قتلى الفريقين، ولم يزل القتال إلى غروب الشمس، ثم انفصل القتال ودخل المسلمون إلى بغداد وباتوا طول الليل يحرسون على الأسوار.
[[خيانة «ابن العلقمى» وغدره]]
وفى ثالث يوم خرجت عساكر المسلمون، والمقدم عليهم الوزير «ابن العلقمى» فصف الصفوف وانتشرت الرايات، والتقى الجمعان إلى وقت الظهيرة، فعندها انهزمت عساكر المسلمين وولت، وكان السبب فى هزيمتهم أن الوزير «ابن العلقمى» جعل على الجناحين الميمنة والميسرة طائفة من جماعته ومن هو على دينه، وقدمهم على جميع العساكر، وقال لهم: حين يقع القتال ويشتد، ولوا الأدبار ففعلوا، وانكسرت الميمنة أولا، ثم تبعتها الميسرة، وكان ابن العلقمى فى القلب فحين رأى ذلك لوى عنان فرسه وولى الأدبار، فعندها انكسرت قلوب العساكر الإسلامية وولت الأدبار، فتبعتهم التتار وملكوا ظهورهم واستعملوا القتل فيهم كيف شاءوا، ودخلت العساكر المدينة بعدما غرق منهم خلق لا يحصون فى الدجلة، قيل: إنهم حصروا ما قتل وأسر فى ذلك اليوم، فوجدوه مائة وعشرين ألفا، ثم أغلق المسلمون أبواب المدينة وتحصنوا بالأسوار، ولم تزل التتار تقاتلهم أربعين يوما، ثم أن الوزير قال للمعتصم: قد اشتد الأمر على المسلمين، ولا تأمن أن يهجموا على المدينة ليلا فيملكوها ويسفكوا دماء المسلمين، فالأولى أن تخرج إليهم وتعقد بيننا وبينهم صلحا يكون فيه صلاح للمسلمين وحقن دمائهم، فأمره الخليفة بالخروج فخرج ومعه جماعة، واجتمع بالملك «هلاكو قان» ملك التتار، فتوافق معهم على أن ينزل الخليفة إليه ويعقد معه الصلح على نصف خراج العراق،