للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويدفع له من المال أربعة آلاف ألف/دينار، فرجع وأعلم الخليفة بذلك، فجمع الأمراء والعلماء وأطلعهم على ما طلب «هلاكو قان» فوافقوه على ذلك، فأمرهم بالخروج معه لينعقد الصلح على أيديهم فخرجوا معه، فلما قربوا ودخلوا فى عسكره حجبوا عن الخليفة كل من معه وبقى فى ثلاث عشرة نفسا، فاضطرب الخليفة وأيقن بالهلاك وعلم أنها مكيدة.

وكان «هلاكو قان» قد أهب عساكره، وقال لهم: حين تروا الخليفة خرج من المدينة بمن معه وقرب منّا تكونون على أهبة رجل واحد واهجموا على المدينة، واقتلوا من لقيتموه ولا ترفعوا السيف عنهم حتى تملكوا المدينة أو يأتيكم أمرى، وكان قد أمر حين وصول الخليفة إليه، أن يمسكوا من كان معه ويضربوا أعناقهم، فقتلوا من كان معه من العلماء والأمراء والأعيان، وكانوا ألفين وسبعمائة ما بين عالم وأمير، وهجمت عساكر التتار على المدينة على حين غفلة، فدخلوها وملكوها وقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والولدان والمشايخ والكهول، ونزل كثير من الناس فى الآبار استخفوا بها، ونهبوا قصر الخليفة وأخرجوا من كان فيه من الجوارى والنساء والحريم، قيل: إنهم وجدوا فيه ألف بنت بكر، واستولوا على جميع ما كان فيه، وبقيت المدينة أربعين يوما خاوية على عروشها ليس بها إلا القليل من الناس والقتلى فى الطرقات كالتلول، وأنتنت البلد من جيفهم وتغير الهواء وحصل الوباء الشديد، ونقل «السيوطى» أن «هلاكو قان» أمر بجمع الأطفال من البنات والغلمان فى جامع المنصور فغلق عليهم أبواب المسجد، ثم أمر بالحطب فألقى عليهم وأحرقوهم بالنار، ثم بعد ذلك بأربعة عشر يوما نادى بالأمان، فخرج من كان تحت الأرض فى الآبار والمطامر، وقيل: إن من قتل من بنى العباس يزيدون على ثمانمائة نفس، ويقال: إن الخليفة «المستعصم» داسته الخيل بحوافرها فلم يوجد له أثر، وأمر «هلاكو قان» بهدم سور المدينة، وإحراق المساجد وقصور الخلفاء والأسواق، ومكثت النار فى بغداد تأكل فى دورها وقصورها ومساجدها