ثم فى شعبان سنة خمس عشرة وثمانمائة/هدمه الأمير طوغان الدويدار، وأخذ عمده وخشبه، فلم يبق إلا بقية أطلاله، وكانت قرية الخندق كأنها من حسنها ضرة لكوم الريش، وكانت تجاهها من شرقيها، فخربتا جميعا. وكان شرقى الخندق يوجد صحراء الأهليلج فى الرمل، وإليها كانت تنتهى عمارة الحسينية من جهة باب الفتوح، وأظن هذا الأهليلج كان من جملة بستان ريدان الذى يعرف اليوم موضعه بالريدانية.
[(أقطاع ابن سندر وترجمته)]
قال ابن عبد الحكم: وكان عمر بن الخطاب ﵁ قد أقطع ابن سندر منية الأصبغ، فحاز لنفسه منها ألف فدان. كما حدثنا يحيى بن خالد، عن الليث بن سعد ﵁، ولم يبلغنا أن عمر بن الخطاب ﵁ أقطع أحدا من الناس شيئا من أرض مصر، إلا ابن سندر، فإنه أقطعه منية الأصبغ فلم تزل له حتى مات، فاشتراها الأصبغ من ورثته. فليس بمصر قطيعة أقدم منها ولا أفضل.
وكان سبب إقطاع عمر ﵁ ما أقطعه من ذلك - كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده - أنه كان لزنباع ابن روح الخزامى غلام يقال له سندر، فوجده يقبل جارية له فجبه وجدع أنفه وأذنه، فأتى سندر رسول الله ﷺ، فأرسل إلى زنباع فقال: لا تحملوهم من العمل ما لا يطيقون وأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون، فإن رضيتم فامسكوا، وإن كرهتم فبيعوا ولا تعذبوا خلق الله، ومن مثّل به أو أحرق بالنار فهو حر، وهو مولى الله ورسوله، فأعتق سندر، فقال: أوص بى يا رسول الله. قال رسول الله ﷺ: أوصى بك كل مسلم (١). فلما توفى رسول الله ﷺ، أتى سندر أبا بكر ﵁ فقال: احفظ فىّ وصية رسول الله ﷺ فعاله أبو بكر ﵁ حتى توفى، ثم أتى عمر ﵁ فقال: احفظ فىّ وصية رسول الله
(١) الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص فى مسند أحمد ٢/ ١٨٢.