للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهم الحلو، ورتب بالقبة درسا للحديث، ورتب القراء بالشباك الكبير يتناوبون القراءة ليلا ونهارا، ووقف عليها عدة ضياع بدمشق وحماة ومنية المخلص بالجيزة من مصر وبالصعيد والوجه البحرى وعقارات بالقاهرة.

فلما خلع من السلطنة أغلقت وأخذ وقفها، ومحا الملك الناصر محمد بن قلاوون اسمه من الطراز الذى بظاهرها فوق الشبابيك. وأقامت معطلة نحو عشرين سنة ثم فتحت سنة ست وعشرين وسبعمائة، وأعيد إليها وقفها، ثم لما شرقت أراضى مصر أيام الملك الأشرف شعبان بن حسين سنة ست وسبعين وسبعمائة بطل طعامها وتعطل مطبخها، واستمر الخبز ومبلغ سبعة دراهم لكل واحد فى الشهر بدل الطعام، ثم صار لكل عشرة فى الشهر، فلما قصر مد النيل سنة ست وتسعين وسبعمائة بطل الخبز أيضا، وصار الصوفية يأخذون فى الشهر فلوسا من معاملة القاهرة، وكان بوّابها لا يمكّن غير أهلها من العبور إليها والصلاة فيها، وكان لا ينزل فيها أمرد، وفيها جماعة من أهل العلم والخير، ثم ذهب ذلك ونزلها الصغار والأساكفة، وهى محكمة البناء لم يبن خانقاه أحسن منها.

[ترجمة ركن الدين بيبرس]

وركن الدين بيبرس المذكور اشتراه الملك المنصور قلاوون صغيرا ورقاه فى الخدم السلطانية وعرف بالشجاعة، ثم بعد موت الملك المنصور خدم ابنه الملك الأشرف خليل إلى أن قتله الأمير بيدرا بناحية تروجة فركب فى طلب ثأره، وكان مهيبا بين خشداشينه، فقتل بيدرا فاشتهر ذكره وصار أستادار السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون رفيقا للأمير سلار نائب السلطنة، ثم سافر الملك الناصر إلى الكرك فأقام بيبرس فى السلطنة سنة ثمان وسبعمائة، فاستضعف جانبه وانحط قدره واضطربت أمور المملكة لميل القلوب إلى الملك الناصر. وفى أيامه أبطل الخمارات من بلاد الشام، وعوض الأجناد بدل المقرر عليها،/وكبست أماكن الريب والفواحش بالقاهرة ومصر وأريقت الخمور، وبالغ فى إزالة الفساد فخف المنكر وخفى الفساد. ولما أراد الله زوال ملكه سولت له نفسه أن بعث إلى الملك الناصر بالكرك يطلب منه ما خرج به من الخيل والمماليك، فحنق الناصر من ذلك وكاتب نواب الشام فرقوا له وسار العسكر إلى الناصر، وسار الناصر من ظاهر الكرك يريد دمشق فتلقاه أهلها وأمراؤها وفرحوا به، ونزل بالقلعة وخطب له بالشام وجى إليه مالها، ثم خرج بالعسكر إلى مصر فترك بيبرس المملكة ونزل من قلعة الجبل يوم الثلاثاء سادس عشر رمضان سنة تسع وسبعمائة ومعه خواصه، والعامة تصيح عليه وتسبه وترجمه بالحجارة، ثم نزل بأطفيح ثم سار إلى أخميم ثم توجه إلى السويس يزيد الشام، فقبض عليه شرقى غزة وحمل إلى الملك الناصر مقيدا، وأوقف