ولم تزل هذه المدينة آخذة فى الازدياد إلى اليوم حتى صارت تشتمل على نحو ألفين وثلثمائة مسكن، وصارت أبنيتها فى غاية المتانة والإحكام، مزينة الظاهر والباطن، ذات دور فسيحة وقصور مشيدة، مع طيب الهواء واعتداله، وبعض قصورها مشرف على النيل أو على أرض المزارع، إلا أن شوارعها وحاراتها ضيقة غير مستقيمة ولا ميادين بها. وبها محكمة شرعية مأذونة بتحرير الحجج وسماع الدعاوى، ومساجد جامعة معمورة بالصلاة، نحو خمسة وعشرين جامعا وعشر زوايا وأكثرها بمنارات مرتفعة ارتفاعا حسنا.
منها، الجامع الكبير له شبه بالجامع الأزهر فى الاتساع وكثرة العمد، وأرضه مفروشة بألواح الخشب.
ومنها، جامع المحلاوى فى غاية الرونق والانتظام، وفيه درس دائم وضريحه به مشهور يزار.
وبها، أسواق ذات حوانيت حسنة الوضع نحو ستمائة حانوت مشحونة بالمتاجر. وفيها، فنادق تنيف على الثلاثين، وقهاو بكثرة، وأنوال لنسج ثياب القطن الغليظ، وفيها خمس حمامات/وثلاث عشرة معصرة، واثنتان وخمسون طاحونة تديرها الخيل وطاحونة بخارية، وعشرة مخابز، وثلاث كنائس-واحدة للأقباط وواحدة للأروام وواحدة لليهود-ودير واحد للفرنج، وشوادر للأخشاب وغيرها نحو ثمانية عشر، وعشرة وابورات لضرب الأرز-منها اثنان للديوان وثمانية للأهالى- وتسع دوائر للأرز تديرها الخيل، ومعمل دجاج ومعمل صينى، وورشة رخام وفوريقة لعمل الورق، وورشة لآلات الموسيقى وورش لحلج القطن. وفيها حرف كثيرة كالنجارة والحدادة والدباغة والخياطة، ويوجد بها محصولات كيماوية وأجزاء لتركيب الأدوية والشمع والعسل والروائح العطرية، وجميع أنواع الملبوسات والمطرزات والطرابيش، وغير ذلك من الحرف والبضائع.
وفيها: جملة من صيادى السمك، ولهم نحو اثنين وعشرين قاربا معدة للصيد، غير ما يأتى من البلاد المجاورة كأهالى الجزيرة وبرج مغيزل، وفيها للسمك سوق