سئلوا شحوا، لبثوا الثياب على قلوب الذئاب، اتخذوا مساجد الله التى يذكر فيها اسمه لرفع أصواتهم باللغو والجدال والقيل والقال، واتخذوا العلم شبكة يصطادون بها الدنيا فإياكم ومجالستهم.
وكان ﵁ يقول: العجب كل العجب من هؤلاء العلماء كيف خضعوا للمخلوقين دون الخالق وهم يدعون أنهم أعلى درجة من جميع الخلائق؟. وقال ﵁: لما حملت من مصر فى الحديد إلى بغداد لقيتنى امرأة زمنة؛ فقالت لى:
إذا دخلت على المتوكل فلا تهبه ولا ترى أنه فوقك ولا تحتج لنفسك محقا كنت أو متهما لأنك إن هبته سلطه الله عليك، وإن حاججت عن نفسك لم يزدك ذلك إلا وبالا لأنك باهت الله فيما يعلمه، وإن كنت بريئا فادع الله تعالى أن ينتصر لك ولا تنتصر لنفسك فيكلك إليها؛ فقلت لها: سمعا وطاعة.
فلما دخلت على المتوكل سلمت عليه بالخلافة؛ فقال لى: ما تقول فيما قيل فيك من الكفر والزندقة؟ فسكت؛ فقال وزيره: هو حقيق عندى بما قيل فيه. ثم قال لى:
لم لا تتكلم؟. فقلت: يا أمير المؤمنين إن قلت: لا. كذبت المسلمين، وإن قلت:
نعم. كذبت على نفسى بشئ لا يعلمه الله تعالى منى فافعل أنت ما ترى فإنى غير منتصر لنفسى؛ فقال المتوكل: هو رجل برئ مما قيل فيه. فخرجت إلى العجوز فقلت لها:
جزاك الله عنى خيرا فعلت ما أمرتينى به فمن أين لك هذا؟؛ فقالت: من حيثما خاطب به الهدهد سليمان ﵇.
وكان ﵁ يقول: كن عارفا واصفا. انتهى من طبقات الشعرانى، باختصار.
[جامع العلوة]
هذا الجامع بدرب الجنينة من خط الموسكى يطل على الخليج الناصرى، وبه أربعة أعمدة من الحجر ومنافعه كاملة وشعائره قائمة، وله أوقاف تحت نظر الحاج على شحاته ناظر مسجد سيدى عبد الكريم.
ولعله هو الجامع الذى ذكره المقريزى فى عد الجوامع بالجامع المعلق ولم يترجم له.