جميع الملل، وانفردت مصر وحدها منه بالنكال ووقوعها فى الإفلاس ودخولها فى ربقة عراقيل السياسة العامة، مع أن العملة المصريين هم الذين حفروا ترعة البرزخ فى أرض مصر والترعة الحلوة، وأوصلوها إلى بركة التمساح والسويس، ومنها أخذ الماء العذب إلى بورت سعيد، وباقى محطات البرزخ.
وظاهر أن الذى سهل عمل البرزخ وجعل مشروعه ممكنا: وجود ماء الشرب للشغالة وغيرهم، ونقود مصر هى التى بنى بها مبانى البرزخ ومدنه، وبها أسست الورش الواسعة، والمخازن الجسيمة، ومبانى الشركة الفخيمة.
وأنشئت المدن، وانتظمت، وعمرت بالناس، وزالت وحشة البرزخ، وأمنت نواحيه، وأحيا النيل موات قفاره وأراضيه، وعملت الكراكات التى لم يسبق لها مثيل، وبواسطتها حفر خليج البرزخ إلى عمق ثمانية أمتار، وصار هو الطريق العام لتجارة العالم، وبواسطته نما ربحها، وفاض خيرها، حتى عمّ كافة/البقاع ما عدا مصر.
[[الأضرار والخسائر التى لحقت بمصر]]
فإن حدوث خليج البرزخ غيّر جغرافية القطر، وفتح على الحكومة باب مصرف جديد لمستخدمى المحافظات والضبطيات ومصلحتى الصحة والتنظيم وغير ذلك، مما تقتضيه لوازم المدن المنشأة فيه، وضاع بسببه على الحكومة ثلثمائة ألف جنيه كانت تدخل خزينتها، أجر منقولات سكة الحديد سنويا، وضاع عليها ما أمّلته من الفوائد المقصود لها من الأعمال الجسيمة التى أجرتها فى ميناء السويس، من حيضان لعمارة المراكب وموالص لوقايتها، وأرصفة لشحن البضائع وتفريغها، وغير ذلك من الأعمال الجسيمة التى كلفتها نحو ثلاثة ملايين جنيه؛ لأن السفن التجارية صارت لا تأتى مينا السويس كالسابق، بل تستمر سائرة فى الخليج حتى تدخل البحر الرومى، وتذهب إلى ما تشاء من البلاد.