بلدة قديمة كانت فى إقليم صا الحجر على مسافة قليلة منها، قال هيرودوط: إن أمزيس الذى جلس ملكا على تخت مصر بعد أبيريس كان من هذه البلدة، وسبب تملكه أن الملك أبيريس كان أرسل جيشا لقتال أهل القيروان فانهزمت عساكره فحنق عليه المصريون ونسبوه إلى الخيانة والغدر بهم وأنه هو سبب الهزيمة، وأن قصده إهلاكهم ليخلو له الملك وقاموا عليه ورفعوا ألوية العصيان، فأرسل إليهم أمزيس-وكان أحد أمرائه-ليصالحهم، فبينما هو يتكلم معهم فى شأن الصلح إذ قصده عسكرى من خلفه ووضع له خودة على رأسه وقال له: هذه علامة إلباسك تاج الملك فأنت الذى نرضاك ملكا علينا، ووافقه سائر العسكر على ذلك، وفى الحال عقدوا له بيعة الملك فقام من ساعته يتجهز لحرب أبيريس. فلما بلغ الملك ذلك أرسل إليه أحد أمرائه بطريمس ليعظه فلم يسمع منه، ورجع الرسول خائبا فغضب عليه أبيريس وقطع أنفه وأذنيه، فشق ذلك على من بقى معه وفارقوه وانضموا لحزب أمزيس، فلم يبق معه إلا اليونانيون وقليل ممن سواهم، والتحم الحرب بين الحزبين بقرب مدينة مونفيس فكانت النصرة لأمزيس، واستولى على الملك وقبض على أبيريس وأكرمه، فلم يرض حزبه بإكرامه وقتلوه ودفنوه مع أجداده وأهله. وصفا الوقت لأمزيس إلا أن المصريين فى أول حكمه كانوا لا يعطونه حقه فى التعظيم بسبب أنه من الأهالى لا من بيوت الملوك، فكان له طشت من الذهب معد لغسل رجليه وأرجل أمرائه فكسره؛ وعمل منه تمثالا لأحد المقدسين ووضعه خارج المدينة فجعل الناس يهرعون إليه ويقدسونه فاستدعاهم يوما وخطبهم، وقال فى خطبته: إن التمثال الذى تعظمونه متخذ من ذهب الطشت الذى كنت أستعمله فى غسل الأرجل، وقد صار إلى هذه الحالة التى تدعوكم إلى تعظيمه، فكذا يجب عليكم احترامى وتعظيمى لما صرت إليه من الملك، ثم إنه حسن سيره فيهم وتدبيره واستعمل العدل والإنصاف؛ فأحبوه وعظموه