متوجها إلى الله تلك الليلة، يقول: إلهى إلهى حتى قرب الفجر فسكت، فظننا أنه نام، فكلمناه فلم يتكلم، فحركناه فوجدناه ميتا، رحمه الله تعالى، فاستدعينا سيدى أبا العباس المرسى، فغسله وصلينا عليه ودفناه بحميثرى فى واد على طريق الصعيد.
وكانت له مكاشفات وكرامات أشهر من أن تذكر، وقد لبس خرقة التصوف من الشيخ أبى عبد الله محمد ابن الشيخ أبى الحسن على المعروف بابن حرازم، ومن أبى عبد الله عبد السلام بن بشيش وغيرهما، وأجل مشايخه سيدى عبد السلام بن بشيش، وعلى يديه كان فتحه، وإليه كان ينتسب إذا سئل عن شيخه، وبشيش - بالباء الموحدة - ابن/منصور بن إبراهيم الحسنى ثم الإدريسى، من ولد إدريس بن عبد الله بن حسن المثنى بن الحسن السبط، ومقامه بالمغرب كالشافعى بمصر، واشتهر فى المغرب بمشيش، وهو من إبدال الحرف بأخيه، وفى (الطبقات) عن أبى العباس المرسى أن الشيخ عبد السلام بن مشيش ﵁ مات مقتولا، قتله ابن أبى الطواجن ببلاد المغرب. انتهى.
وكان سيدى أبو الحسن الشاذلى ﵁ آدم اللون، نحيف الجسم، طويل القامة، خفيف العارضين، طويل أصابع اليدين كأنه حجازى، فصيح اللسان عذب الكلام، كان يقول إذا استغرق فى الكلام:
ألا رجل من الأخيار، يعقل عنا هذه الأسرار، هلموا إلى رجل صيره الله بحر الأنوار، وكان يقول: أخذت ميراثى من رسول الله ﷺ، فلو أن الجن والإنس يكتبون عنى إلى يوم القيامة لكلوا وملوا.
[ومما قيل فى مدحه]
أما الإمام الشاذلى طريقه … فى الفضل واضحة لعين المهتدى
فانقل ولو قدما على آثاره … فإذا فعلت فذاك آخذ باليد