والهيثمى والشنوانى، فأرسلوا إليهم فحضروا ولم يحضر الشنوانى، فأرسلوا له رسولا فرجع بورقة ويقول إن له ثلاثة أيام غائبا عن داره، وقال لأهله إن طلبونى فاعطيهم هذه الورقة.
فأخذ القاضى الورقة ففضها وقرأها فإذا فيها بعد البسملة والصلاة على النبى ﷺ:
لحضرة مشايخ الإسلام إننا نزلنا عن المشيخة للشيخ بدوى الهيثمى. فعند ذلك قام الحاضرون يومة واحدة وأكثرهم من الشوام وقالوا هو لم يثبت له مشيخة حتى ينزل عنها، وقال كبارهم:
لا يكون شيخا إلا من يفيد الطلبة. فقال القاضى: ومن الذى ترضون؟ فقالوا: نرضى الشيخ المهدى. وقام الكل وصافحوه وقرؤوا الفاتحة وكتب القاضى إعلاما بذلك، وركب المهدى إلى بيته فى كبكبة وحوله المشايخ والمجاورون وشربوا الشربات وأقبل الناس للتهنئة وانتظروا ورود جواب الإعلام من الباشا فلم يأت.
[مشيخة الشيخ الشنوانى على الأزهر]
[هذا] والمدبرون يدبرون شغلهم، وأحضروا الشيخ الشنوانى من مصر القديمة وتمموا شغلهم، وأحضروا الشيخ منصور اليافى ليعيدوه إلى مشيخة الشوام، وجمعوا بقية المشايخ آخر الليل وركبوا فى الصباح إلى القلعة فخلع الباشا على الشيخ محمد الشنوانى فروة سمور وقرره شيخا، وكذا على السيد منصور اليافى وقرره على رواق الشوام كما كان، ثم نزلوا وصحبتهم أغات الينكشارية بهيئة الموكب، وعلى رأسه المحورة الكبيرة وأمامه الملازمون بالبراقع والريش على رؤوسهم، حتى نزلوا بدار ابن البجى بحارة خشقدم لأن دار الشنوانى صغيرة ضيقة لا تسع ذلك الجمع، وقام له المحروقى بجميع الاحتياجات وأرسل من الليل الطباخين والفراشين والأغنام والأرز والحطب والسمن والسكر والقهوة وأوقف عبيده لخدمة القادمين للتهنئة ومناولة القهوة والشربات/والبخور وماء الورد، وأتى الناس إليه أفواجا، ووصل الخبر إلى المهدى ومن معه وحصل لهم الكسوف وبطلت مشيخته. ولما كان يوم الجمعة حضر الشيخ الشنوانى إلى الأزهر وصلى الجمعة، وحضر المشايخ وعملوا الختم للشرقاوى، وحصل ازدحام عظيم وخصوصا للتفرج على الشيخ الجديد وكأنه لم يكن طول دهره بينهم (وقد ترجمناه فى الكلام على بلدته شنوان).
وبعد موته فى سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وألف تقلد المشيخة بعده العلامة السيد محمد ابن الشيخ أحمد العروسى من غير منازع وبإجماع أهل الوقت، ولبس الخلع من بيوت الأعيان مثل البكرى والسادات ومن يحب التظاهر.
وبعد موته فى سنة خمس وأربعين انتقلت المشيخة للشيخ أحمد بن على بن أحمد الدمهوجى الشافعى نسبة إلى دمهوج قرية بقرب بنها العسل، وكانت داره برقعة القمح وراء رواق