فى أهله، وجعل أكابر الدولة وعساكرهم وأهل البلد والسوقة سهرهم وديدنهم ذكر الأزهر وأهله، ونسبوا له كل رذيلة، ويقولون نرى كل موبقة تظهر منه بعد أن كان منبع الشريعة والعلم، وقد ظهر منه قبل الآن الزغلية والآن الحرامية وأمور غير ذلك مخفية.
ثم فى شهر ربيع الثانى من سنة سبع وعشرين وقعت حادثة بخط الأزهر، وهى أنه حصل به عدة سرقات حتى ضج الناس، إلى أن اتهمت امرأة رومية أشخاصا من عميان الأزهر فقبضوا عليهم وقرروهم فقالوا: لسنا بسارقين وإنما سمعنا صوت محمد بن أبى القاسم الدرقاوى المغربى المنفصل عن مشيخة رواق المغاربة ومعه آخرون، سمعناهم يتكلمون فى ذلك، فذهب بعض الأغاوات إلى أبى القاسم وكلموه سرّا سترا على أهل الخرقة المنتسبين للأزهر فأوعدهم أنه يتكلم مع أولاده، ثم أرسل إلى من يتعاطى الحسبة بخط الأزهر وحلفهم أن يستروا عليه وعلى أولاده فى هذه القضية، ثم أخرج لهم أمتعة من خزانة عنده، ثم فى الليل جاءهم ابنه بالصندوق يحمله رجل صرماتى وادعى على الصرماتى أنه هو السارق فأخذوه وعاقبوه، فسمى أولاد أبى القاسم وآخر يسمى سلاطة وابن عبد الرحيم، ثم أحضروهم إلى الكتخدا فلم يزل الصرماتى يذكر ما كانوا عليه فى سرحاتهم القديمة والجديدة ويقول: فعلنا كذا فى ليلة كذا واقتسمنا كذا فى محل كذا ويقيم الأدلة ويقول لأبى القاسم: أنت كبيرنا ورئيسنا ولا نسرح الا بمشورتك فأقر أولاد أبى القاسم، وكثر اللغط فى أهل الأزهر واجتمع كثير ممن سرقت لهم الأمتعة وظهر كثير من ذلك، ثم رفعوهم إلى المحكمة فثبتت عليهم السرقات، وكتب القاضى إعلاما بصورة الواقعة فأمر الكتخدا بقطع أيدى الثلاثة:
محمد بن أبى القاسم ورفيقه الصرماتى والضباع فقطعت ثم نفاهم إلى الإسكندرية، ثم رجع محمد بن أبى القاسم بالشفاعة ومات من أثر القطع. وفى هذه السنة مات الشيخ عبد الله الشرقاوى فطلع المشايخ إلى القلعة بعد ثلاثة أيام من موته وذكروا للباشا موته واستأذنوه فيمن يجعلونه شيخا على الأزهر فقال لهم: أعملوا رأيكم واختاروا شيخا يكون خاليا عن الأغراض وأنا أقلده ذلك. فنزلوا إلى بيوتهم واختلفت آراؤهم، فالبعض اختار الشيخ المهدى، والبعض اختار الشيخ محمد الشنوانى، وامتنع الشيخ الأمير من المشيخة وكذلك ابن العروسى، وكان الشنوانى منعزلا عنهم يقرأ درسه بجامع الفاكهانى وبيده وظائف خدمته، فعند فراغه من الدرس يغير ثيابه ويكنسه ويغسل القناديل ويعمرها ويكنس المراحيض، فلما بلغه أنهم ذكروه تغيب.
ثم إن الباشا أمر القاضى بهجت أفندى أن يجمع المشايخ ويتفقوا على شخص يكون شيخا بالشرط المذكور، فجمع القاضى أكابر العلماء كالقويسنى والفضالى إلا ابن العروسى