الأمير فركبوا إلى الأمراء وعملوا جمعية وأحضروا كبار العساكر وتكلموا معهم، ثم ركب الوالى بعدة من عسكر الأرنؤود ونادى المنادى بالأمان.
وفى شهر صفر من سنة تسع عشرة وزعت على أرباب الحرف والصنائع خمسمائة كيس، فضجوا مع ما هم فيه من وقف الحال، وأصبحوا لم بفتحوا الدكاكين وحضر منهم طائفة إلى الجامع الأزهر، ومر الأغا والوالى ينادون بالأمان وفتح الدكاكين.
وفى ثانى يوم تجمع الكثير من غوغاء العامة والأطفال ومعهم طبول وصعدوا إلى منارات الجامع الأزهر يصرخون ويطبلون، وتحلقوا بمقصورة الجامع يدعون وينضرعون، ووصل الخبر إلى الباشا فأرسل إلى السيد عمر النقيب يقول: إنا رفعنا عن الفقراء.
فقال السيد عمر: إن هؤلاء الناس وأرباب الحرف كلهم فقراء وكفاهم ما هم فيه من القحط ووقف الحال، فكيف تطلب منهم مغارم لجوامك العسكر؟ فرجع الرسول بذلك ثم عاد بفرمان يتضمن رفع الغرامة عن المذكورين، ونادى المنادى بذلك فاطمأن الناس وتفرقوا إلى بيوتهم، وخرج الأطفال يرمحون ويفرحون.
وفى شهر صفر من سنة عشرين كانت البلد مشحونة بأخلاط العسكر ومنهم الدالاتية جهة مصر القديمة وقصر العينى والآثار ودير الطين يأكلون الزرع ويخطفون ما يصادفون من الفلاحين والمارين، ويأخذون النساء والأولاد للإفساد، فحضر سكان مصر القديمة نساء ورجالا إلى الجامع الأزهر يشكون ويستغيثون، ويخبرون أن الدالاتية أخرجوهم من ديارهم ولم يمكنوهم من أخذ أمتعتهم ولا نسائهم، فخاطب المشايخ الباشا فى أموهم فكتب للدالاتية بترك الدور لأهلها فلم يمتثلوا، فاجتمع المشايخ بالأزهر وتركوا قراءة الدروس وخرجت الأولاد الصغار يصرخون فى الأسواق فأرسل الباشا كتخداه إلى الأزهر فلم يجد به أحدا، وكان المشايخ انتقلوا إلى بيوتهم، فذهب إلى بيت الشرقاوى وحضر هناك السيد عمر أفندى وخلافه فكلموه وأوفهموه، ثم قام وانصرف فرجمه الأولاد بالحجارة وبقى الأمر على السكون أياما.
وفى المحرم من سنة خمس وعشرين ظهر بالأزهر أنفار بقفون بالليل بصحنه، فإذا قام إنسان منفردا أخذوا ما معه، وأشيع ذلك فاجتهد الشيخ المهدى فى الفحص عنهم إلى أن عرفوا أشخاصهم وأنسابهم، وفيهم من هو من أولاد المظاهر المتعممين، فستروا أمرهم وأظهروا من ليس له شهرة ونسبوا إليه هذه الفعال وأخرجوه منفيا، وكذلك أخرجوا طائفة من القوادين والنساء الفواحش كانوا سكنوا بحارة الأزهر واحتموا