للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما وصل إلى نوروز نائب الشام أخبار خلع الخليفة وتسلطن المؤيد شيخ، وكان نوروز هو القائم مع شيخ والمعضد له، لم يذعن بالطاعة، واستمر يخطب باسم الخليفة، فسار إليه المؤيد، وحاربه، حتى قبض عليه وقتله، وعاد إلى القاهرة، وولّى منكلى بغا الشمسى، محتسبا بالقاهرة، وهو أول من تولى الحسبة من أولاد الترك.

وفى سنة ثمان عشرة وثمانمائة، خلع نواب الشام ربقة الطاعة ثانيا، فسار إليهم، فهربوا منه، واستبدلهم بغيرهم ممن يثق بهم، ومن البلاد الشامية، وعاد إلى القاهرة، وصفا له الوقت، واطمأنّت البلاد.

ولما صفا للسلطان الوقت، أكثر من شراء المماليك، وأخذ فى اللهو والقصف، وصار أغلب إقامته ببولاق.

ووقع فى زمنه وباء وغلاء، من ابتداء سنة ثمان عشرة إلى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، حتى حصل للناس من ذلك ضرر كثير.

ولما مات ابنه إبراهيم، وجد عليه وجدا شديدا، مع أنه هو الذى قتله بالسم، فيما يقال، لما بلغه أنه متطلع إلى انتزاع السلطنة منه، ثم دفنه فى قبّة الجامع المؤيد الذى أنشأه فى داخل باب زويلة، ثم مات هو، فدفن معه.

وكان مقداما خبيرا بالأمور، يحب العلم والعلماء، وله شعر ومعرفة، لكنه كان سفاكا للدماء، قتل كثيرا من النواب، وكان كثير المصادرات، وأحدث كثيرا من المظالم، وأخذ رخام جامعه من البيوت والمساجد، وأخذ باب جامع السلطان حسن، وعمودى سماق من قبلة جامع قوصون، ووزع الأخشاب ودهانها على المباشرين.

وكانت وفاته سنة أربع وعشرين وثمانمائة.

***

[تولية أبى السعادات أحمد بن المؤيد شيخ]

وتولى المملكة بعده ابنه أبو السعادات أحمد بن المؤيد شيخ، ولقّب بالملك المظفر، وعمره دون سنتين، تعصب له مماليك أبيه، وكانوا خمسة آلاف مملوك، فسلطنوه رضيعا، وجعلوا التصرف فى المملكة للأمير ططر، بسبب أنه لما مات السلطان المؤيد تزوج زوجته أم ابنه السلطان أبى السعادات المذكور، فأخذ بزمام الأحكام، وأغدق على المماليك، فانضموا إليه