للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأظن أن عيد الشهيد الذى كان للنصارى فى ثامن بشنس من كل عام، إلى أن أبطله الأمير بيبرس الجاشنكير فى سنة اثنتين وسبعمائة، هو العادة التى أبطلها عمرو بن العاص أيام فتح مصر بأمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.

[[مطلب عيد الشهيد للنصارى]]

وبيان ذلك: «أن النصارى كانت تزعم أن النيل لا يزيد فى كل سنة إلا إذا عمل هذا العيد، وذلك أنهم كانوا يلقون فى النيل تابوتا من خشب فيه أصبع من أصابع أسلافهم الموتى فى اليوم الثامن من شهر بشنس أحد الشهور القبطية، فتجتمع الناس اجتماعا عاما على شطوط النيل، وترحل النصارى من جميع القرى إلى ذلك المجمع ويكون من أعظم الأعياد، فإنهم يخرجون فيه عن العادة، ويركبون الخيول ويلعبون عليها، وتنصب الخيام على شطوط النيل وفى الجزائر. ويخرج فى هذا اليوم جميع أرباب الخلاعة وأهل الفساد وتغص بهم الجزائر والشطوط، ويباع فى هذا اليوم من الخمور ما لا يباع فى غيره، بما ينيف على مائة ألف درهم فضة، عنها خمسة آلاف دينار ذهبا. وكان اجتماع الناس لعيد الشهيد دائما بناحية شبرى من ضواحى القاهرة، وكان أهالى شبرى يعدّون لسداد الخراج ما يأخذونه من ثمن الخمور فى هذا اليوم، وكان يقع فيه من الفتن والقتل والجهر بالمعاصى مالا يقع فى غيره. (١)

واستمرت هذه العادة إلى زمن الملك الناصر محمد بن قلاوون، والقائم بتدبير دولته الأمير ركن الدين بيبرس، فأمر بإبطاله وأعلن أهل الأقاليم بذلك، فشق ذلك على القبط، وذلك فى سنة اثنتين وسبعمائة.


(١) انظر: خطط المقريزى، ج ١، ص ٦٨ - ٦٩.