البعض منهم لرصد الألفى والقبض عليه وعلى جنده، والبعض إلى البلاد لظلم الفلاحين. ولم يبق بالمدينة غير المترجم وإبراهيم بيك الكبير وبعض الأمراء. فعند ذلك سلط محمد على العساكر بطلب علائفهم المنكسرة، فعجزوا عنها، فأراد المترجم أن يفرض على فقراء البلد فرضة بمشورة محمد على، وطافت الكتاب بالحارات والأزقة يكتبون أسماء الناس ودورهم، ففزعوا وصرخوا فى وجوه العساكر. فقال العساكر: نحن ليس لنا عندكم شئ ولا نرضى بذلك، وعلائفنا عند أمرائكم، ونحن لكم مساعدون. فعند ذلك قاموا على ساق وخرجت نساء الحارات وبأيديهن الدفوف يغنين ويقلن: إيش تأخذ من تفليسى يا برديسى. وصاروا يسخطون على الأمراء ويترضون عن العسكر.
وفى الحال أحاطت العسكر ببيوت الأمراء، ولم يشعر البرديسى إلا والعساكر الذين أقامهم بالأبراج التى بناها يضربون عليه ويريدون قتله. فلم يسع الجميع إلا الفرار، وخرجوا خروج الضب من الوكر. وذهب المترجم إلى الصعيد مذؤما مدحورا مطرودا. وجوزى مجازاة من ينتصر بعدوه ويعول عليه، ويقص أجنحته برجليه وكالباحث على حتفه بظلفه والجارح بظفره مارن أنفه.
ولم يزل فى هجاج إلى أن مات، وكان ظالما غشوما طائشا سئ التدبير. قد جعله الله سببا لزوال عز الأمراء المصريين ودولتهم، واختلال أمرهم، وخراب دورهم، وهتك أعراضهم، ومذلتهم وتشتيت جمعهم. انتهى.
ترجمة حسام الدين محمد بن أبى بكر
ابن محمد بن حريز
وإليها ينسب كما فى الضوء اللامع للسخاوى: محمد بن أبى بكر ابن محمد بن حريز، ويدعى محرز بن أبى القاسم بن عبد العزيز بن يوسف حسام الدين أبو عبد الله الحسنى المغربى الأصل، الطهطاوى المنفلوطى المصرى المالكى. ويعرف بابن حريز، بضم المهملة ثم راء مفتوحة وآخره زاى.
ولد فى العشر الأخير من رمضان سنة أربع وثمانمائة بمنفلوط، وانتقل منها وهو صغير مع أبيه إلى القاهرة. فقرأ بها القرآن عند الشهاب جمال الدين