وفى خطط المقريزى وغيره، أنها كانت فى زمن فتح مصر من منازل العرب، الذين فتحوا هذه الديار، وذلك أنهم لما أمروا بالتفرق فى البلاد لربيع خيولهم، والارتفاق باللبن ونحوه، ووكل ذلك لاختيارهم، اختار طائفة منهم قرية وسيم، وهم آل عمرو بن العاص، وآل عبد الله بن سعد، إلى آخر ما هو مبسوط فى كتب التواريخ.
وذكرنا منه طرفا فى سمنود، وقد كانت وسيم فى الجاهلية مدينة عظيمة، وكانت تسميها اليونان أقنطوس أو أقنطة أو قنطون، ولما أمر الامبراطور قسطنطين بإعدام عبادة الجاهلية منها بعد تنصره، أمر حاكمها سوتريكوس بهدم ما كان فيها، وفى ضواحيها من هياكل الجاهلية، فهدم هيكل أبو لون العظيم الذى كان بحرى تلك المدينة، وكان محتويا على أموال وافرة جدا، فاستولى عليها، وصرفها فى بناء كنائس نصرانية، ثم هدم أيضا معبد جويتير وجعله كنيسة، وهذا هو الذى حققه الجغرافيون، وهو أن قرية بوشيم هى قرية وسيم المذكورة، وهو كذلك أيضا فى المقريزى، وأبى صلاح، وتاريخ بطاركة الإسكندرية، ودفاتر التعداد. وقال أبو صلاح: إن بهذه البلدة كنيسة باسم العذراء، قد جددها قسيس من الصعيد، اسمه جرجيس، كاتب سر الأمير صندول الظفرى، ثم قال: إنه كان بتلك المدينة ست وستون وثلثمائة كنيسة بناء على اعتماد الروايات، وكلها عامرة بالرهبان والقمامصة، ولا ينقطع إشهار القداس فيها، وكان بقربها دير نهيا.
[مطلب الكلام على دير نهيا]
وقال أبو صلاح أيضا: إن الذى بنى دير نهيا تاجر أفريقى، وفد على مصر قبل حكم ديوكليتيان بأربعين سنة، وعند استيلاء الخليفة المعز لدين الله على هذه الجهات نصب معسكره أمام هذا الدير، وأقام هناك سبعة أشهر، وغرس فى مقابلته بستانا عظيما، وحفر فى أسفل التل بئرا، وجعل عليه دولابا، وجعل بقربه حوضا لسقاية المارة. قال: وقد ارتدم البئر والحوض