منها الغلال إلى السواحل، واجتمع العالم الكثير فأذنوا لكل شخص من الفقراء بويبة غلة لا غير، فكان الذى يريد الشراء يذهب إلى خازندار البرديسى ويأخذ منه ورقة ويذهب بها فيكيلون له ويدفع ثمنها لصاحب الغلة، فحصل للناس نوع اطمئنان، واشترى الخبازون وفتحوا الطوابين وخبزوا وباعوا، فكثر الخبز والكعك بالأسواق، وسكن روع الناس ودعوا لعثمان بيك البرديسى. اهـ
[[حوادث رشيد سنة اثنتين وعشرين ومائتين وألف]]
ومن حوادث هذا الثغر أيضا استيلاء الانكليز عليه فى الرابع والعشرين من المحرم سنة اثنتين وعشرين ومائتين وألف (١)، وذلك كما فى الجبرتى أيضا، أن الألفى كان استنجدهم وتأخر مجئ الإعانة له بسبب الصلح بينهم وبين الدولة العلية، فلما حصلت النفرة انتهزوا الفرصة، وأرسلوا طائفة من عسكرهم، واثنين وأربعين مركبا فيها عشرون قطعة كبار، وكان الألفى ينتظر حضورهم بالجيزة، فلما طال عليه الانتظار ارتحل بجيوشه من البحيرة، وقضى الله عليه بالموت فى إقليم الجيزة (كما تقدم فى دمنهور).
وحضر الإنكليز بالإسكندرية فوجدوه قد مات، فأرسلوا إلى الأمراء القبليين يستدعونهم ليكونوا مساعدين لهم على عدّوهم، ويقولون لهم:«إنما جئنا إلى بلادكم باستدعاء الألفى لمساعدته ومساعدتكم، فوجدنا الألفى قد مات وهو شخص واحد منكم، وأنتم جمع فلا يكن عندكم تأخير فى الحضور لقضاء أشغالكم، فإنكم لا تجدون فرصة بعد هذه وتندمون بعد ذلك». فلما وصلتهم مراسلة الإنكليز تفرق رأيهم، وكان عثمان بيك حسن منعزلا عنهم، وهو يدعى الورع وعنده جيش كبير، فأرسلوا إليه يستدعونه، فقال:«أنا مسلم هاجرت وجاهدت وقاتلت فى الفرنساوية، والآن أختم عملى بالالتجاء إلى الفرنج وأنتصر بهم على المسلمين، أنا لا أفعل ذلك»، هكذا باقى الأمراء.
وكان الإنكليز لما وصلوا إلى ثغر الإسكندرية، طلبوا حاكمها والقنصل وبعض الأعيان وتكلموا معهم، وطلبوا الطلوع إلى الثغر، فقالوا لهم:«لا نمكنكم من الطلوع إلا بمراسيم سلطانية»، فقالوا: «لم يكن معنا مراسيم وإنما جئنا لمحافظة
(١) هذا التاريخ يوافق يوم الجمعة الثالث من إبريل ١٨٠٧ م كما ورد بالجبرتى.