وآخرها منية مطر - وهى المطرية اليوم، والبساتين والمزارع الموجودة الآن خارج باب الحسينية هى بعض منها.
وفى زمن الأفضل صارت دار برجوان دار الضيافة، وبقيت كذلك إلى آخر الدولة الفاطمية، ثم بنى الأفضل جامع الفيلة، ومسجد الرصد عند بركة الحبش، وكان محل هذا المسجد البقعة المعروفة بالرصد، وهو شرف يطل من غربيه على خطة راشدة، ومن قبليه على بركة الحبش - وهى أراضى قرية البساتين - يحسبه من يراه من جهة راشدة جبلا، وهو من شرقيه سهل يتوصل إليه من القرافة بغير صعود، وهو محاذ للشرف الذى كان من جملة العسكر، وهو الشرف الذى يعرف بالكبش.
وكان الجبل الذى بنى فوقه المسجد المتقدم ذكره يقال له قديما الجرف، ثم عرف بالرصد من أجل أن الأفضل جعل فوقه كرة لرصد الكواكب، فعرف من حينئذ بالرصد، وأولا جعلوها فوق سطح جامع الفيلة، ولما وجدوا المشرف لأول بروز الشمس مسدودا اتفقوا على نقل الآلات إلى المسجد الجيوشى مجاورا للأنطاكى المعروف أيضا بالرصد، وكان الأفضل بناه أحسن من جامع الفيلة ولم يكمل، فلما صار برسم الرصد كمل، فحضر الأفضل فى نقل الحلقة من جامع الفيلة إلى المسجد الجيوشى، ثم رصدوا الشمس بعد كلفة، فلما قتل الأفضل سنة خمس عشرة وخمسمائة، وتمت الوزارة للمأمون البطائحى، أحب أن يتمم جميع الأعمال، وأن يقال له الرصد المأمونى المصحح كما قيل للأول الرصد المأمونى الممتحن، فأخرج الأمر بنقل الرصد إلى باب النصر بالقاهرة، فنقل بعد إتعاب وعناء شديد، فلو أراد الله وبقى المأمون قليلا لكمل جميع رصد الكواكب، لكنه قبض عليه يوم السبت ثالث شهر رمضان سنة تسع عشرة وخمسمائة، وكان من جملة ما عدّ من ذنوبه عمل الرصد المذكور والاجتهاد فيه.
وقيل: أطمعته نفسه فى الخلافة، فسماه الرصد المأمونى، ونسبه إلى نفسه، ولم ينسبه إلى الخليفة الآمر بأحكام الله، فلما قبض عليه بطل، وأنكر الخليفة على عمله، فلم يجسر أحد أنه يذكره، وأمر بكسره، فكسر وحمل إلى المناخات.
وبالجملة فقد اعتنى الأفضل بالعمارة، وبنى المبانى الفاخرة، والمناظر الباهرة، وفى زمنه عملت البساتين الفائقة فى جهات متعددة فى ضواحى مصر، فكانت البساتين تحيط بالقاهرة من جميع جهاتها، وفى بعضها القصور والمناظر الفاخرة.
[[المستعلى، والآمر]]
وفى أيام وزارة الأفضل مات المستنصر، وتولى من بعده ابنه المستعلى بالله أبى القاسم أحمد، وكان القائم بالأمور كلها الأفضل. وفى زمن المستعلى انقطعت الخطبة للفاطميين من دمشق،