للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستمر بطلانه ستا وثلاثين سنة، ثم عاد فى سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة. ثم بطل هذا العيد ثانيا بسبب فتنة عظيمة وقعت بين المسلمين والنصارى، منشؤها إيقاف مبلغ من الفدن على الكنائس والديور، فهدم المسلمون كثيرا من الكنائس، وأخذوا التابوت الذى فيه الإصبع، وأحضر إلى الملك الصالح صالح بن محمد بن قلاوون، وأحرق بين يديه، وذرى رماده فى البحر حتى لا تأخذه النصارى، وذلك فى العاشر من شهر رجب فى السنة المذكورة، فبطل عيد الشهيد من يومئذ ومن هذا العهد». اهـ. ملخصا من الخطط.

وقد تفاوتت أنظار الأمم التى تعاقبت على ملك هذه الديار فى إظهار الفرح والسرور وتعيين الطريقة التى يدخلون بها المسرة فى قلوب رعيتهم شاكرين نعم الله داعين لذلك.

[[الاحتفال بعيد وفاء النيل]]

فلقد كان يوم وفاء النيل وبلوغه الحد الذى عنده تفتح أفواه الجداول المتشعبة منه لرى الأراضى فى الأزمان القديمة يوما مشهودا، وتجتمع الناس لأجله، ويهنئ بعضهم بعضا، مجتهدين فى إظهار ما يعم به الفرح قلوب الكافة، من الزينة وتهيئة الطعام الفاخر، والمسامحة فى تعطيل الأشغال وذلك اليوم هو المراد بقوله تعالى حكاية عن فرعون موسى. ﴿قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ﴾ (١).

ولم يزل هذا دأبهم حتى ملكهم غير جنسهم من الفرس واليونان والروم، فتنقاصت هممهم فى ذلك، وأخذت تتغير عاداتهم لا سيما حين جاء الإسلام؛ فإنه منع كثيرا مما يعمله الناس فى المواسم والأعياد، ولم يكن من المسلمين فى أول أمرهم التفات لغير الجهاد، وإقامة الدين، وتوظيف الوظائف.


(١) سورة طه، الآية ٥٩.