وما وجدوه ناقصا كسروه وعوضوه بغيره مدموغا. فعلى الصنجة وزن نصف أوقية ثلاثة أنصاف فضة، والأوقية ستة، ونصف الرطل خمسون، والرطل مائة. وكضم الالتزامات إلى بيت المال وتعويض أربابها دراهم من الخزينة وغير ذلك.
فبهذا تسنى له جمع المال الذى كان يصرفه فى التجاريد، وبناء الحصون بالإسكندرية ورشيد ودمياط، وسد أبى قير، وترعة الفرعونية، مع اهتمامه بتأمين الطرق ومساعدة التجار من الإفرنج وغيرهم، حتى اطمأنوا بعد الخوف، وسكنوا ثغر الإسكندرية، وجلبوا إلى مصر أنواع التجارات.
ولما صدر أمر الدولة بإرسال الشريف غالب إلى القسطنطينية، وردّ جميع ما أخذ منه، صالحه الباشا على سبعمائة كيس، فقبلها، وطيّب خاطره، وأرسله إليها مكرّما.
[[فشل أول محاولة لتنظيم الجيش]]
ثم إن الباشا أراد أن يجعل عسكر مصر نظاما، كهيئة عسكر الإفرنج، فلما أشيع ذلك، شنع كبار العسكر وأمراؤهم على هذا المشروع وقبّحوه، وتحادثوا بينهم فيه، فاتفقوا على المعارضة فيه متى استشيروا، وتجمعوا على الهجوم على الباشا بمنزله، وكان من جملتهم عابدين بك، فأخبر الباشا بما دار بينهم، وتبين له منهم عين الغدر، فغيّر زيه ليلا وطلع إلى القلعة، مع من يلوذ به، وتحصّن بها.
فلما بلغ ذلك العسكر قاموا واحتاطوا بالقلعة، ولما رأوا ذلك غير مفيدهم شيئا تفرقوا فى شوارع المدينة، ينهبون ما وجدوه ويكسرون الأبواب المغلقة، حتى أتوا على جميعها، ولم يدافعهم أحد إلا أهل خان الخليلى من الأتراك والأرنؤود، وأهل الكعكيين والفحامين من المغاربة.
وأعلقت البيوت، وتعطلت الأسواق، وامتنع الوارد للمدينة، واستمر ذلك ثلاثة أيام، فاستدعى الباشا العلماء وبعض الأمراء، وأظهر أسفه على ما حصل، وشنع على ذلك، وأمر السيد المحروقى بتحرير قوائم بما نهب حتى يقوم بدفعه لأربابه، لما أن ذلك لم يقع إلا بسببه، وأمر ببناء ما هدم على طرفه، ورد ما كسر من الأبواب، ففرحت الأهالى بذلك، ومدحوه وأثنوا عليه الثناء الجميل، ومالوا إليه بعد النفرة.
ولما أحضرت القوائم أمر لكل واحد بجزء من ماله، ووعد بإعطاء الباقى عند ما تتحصل نقود. وكان الذى ظهر لتجار الغورية مائة وثمانون كيسا، ولأهل الحمزاوى ثلاثة