ومما فى طبقات الشعرانى: أنه هو علىّ/الأصغر وأما الأكبر فقتل مع الحسين ﵄، وكان إذ ذاك مريضا نائما على الفراش فلم يقتل وهو أبو الحسينيين كلهم.
[نبدة من مناقب زين العابدين]
كان إذا بلغه عن أحد أنه ينقصه ويقع فيه يذهب إليه فى منزله ويتلطف به ويقول:
يا هذا إن كان ما قلته فىّ حقا فيغفر الله لى، وإن كان ما قلته باطلا فيغفر الله لك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. وكان كثيرا ما ينشد:
وما شئ أحب إلى اللئيم … إذا شتم الكريم من الجواب
وخرج يوما من المسجد فلقيه رجل فسبه وبالغ فى سبه، فبادرت إليه العبيد والموالى فكفّهم عنه وقال: مهلا على الرجل. ثم أقبل عليه وقال: ما ستر عنك من أمرنا أكثر ألك حاجة نعينك عليها؟ فاستحيا الرجل، فألقى إليه خميصته التى عليه وأمر له بعطاء فوق ألف درهم. فقال الرجل: أشهد أنك من أولاد رسول الله ﷺ.
قال ابن حجر: أخرج أبو نعيم أنه لما حج هشام بن عبد الملك فى حياة أبيه لم يمكنه أن يصل الحجر الأسود من الزحام فنصب له منبر إلى جانب زمزم وجلس ينظر إلى الناس، فبينما هو كذلك إذ أقبل الإمام زين العابدين ﵁؛ فتنحى له الناس عن الحجر من المهابة والجلالة حتى استلمه، فقال أهل الشام لهشام: من هذا؟ فقال: لا أعرفه.
مخافة أن يرغب أهل الشام فى الإمام زين العابدين، فقال الفرزدق:
هذا الذى تعرف البطحاء وطأته … والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم … هذا التقى النقى الطاهر العلم
إذا رأته قريش قال قائلها … إلى مكارم هذا ينتهى الكرم
ينمى إلى ذروة العز التى قصرت … عن نيلها عرب الإسلام والعجم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله … بجده أنبياء الله قد ختموا
فليس قولك: من هذا بضائره … العرب تعرف من أنكرت والعجم
من معشر حبهم دين وبغضهمو … كفر وقربهمو منجى ومعتصم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم … ولا يدانيهمو قوم وإن كرموا
إلى أن قال:
يغضى حياء ويغضى من مهابته … فلا يكلم إلا حين يبتسم