للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فغضب هشام وحبس الفرزدق بعسفان فبلغ الإمام زين العابدين ؛ فأمر له باثنى عشر ألف درهم، وقال: اعذر لو كان عندنا أكثر لوصلناك به انتهى.

توفى بالبقيع سنة تسع وتسعين وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وحملت رأسه إلى مصر ودفن بالقرب من مجراة الماء إلى القلعة بمصر العتيقة ، انتهى.

وفى إسعاف الرّاغبين للشيخ محمد الصبّان: أن أم زين العابدين إحدى بنات كسرى.

قال فى السيرة الحلبية: أنه لما جئ ببنات كسرى وكن ثلاثا مع أمواله وذخائره إلى عمر وقفن بين يديه، وأمر المنادى أن ينادى عليهن بالبيع فامتنعن من كشف نقابهن ووكزن المنادى فى صدره فأراد عمر أن يعلوهن بالدّرة، فقال له على كرم الله وجهه ورضى عنه:

مهلا يا أمير المؤمنين فإنى سمعت رسول الله يقول: «ارحموا عزيز قوم ذل وغنى قوم افتقر» (١) فسكن غضبه، فقال علىّ: إن بنات الملوك لا يعاملن معاملة بنات السوقة. فقال عمر : كيف طريق العمل معهن؟ فقال: يقوّمن ومهما بلغ الثمن يقوم به من يختارهن فقومن وأخذهن على ؛ فدفع واحدة لعبد الله بن عمر فجاء منها بولده سالم، وأخرى لمحمد بن أبى بكر فجاء منها بولده القاسم، والثالثة لولده الحسين فجاء منها بولده على زين العابدين .

وهؤلاء الثلاثة فاقوا أهل المدينة علما وورعا، وكان أهل المدينة قبل ذلك يرغبون عن التسرى فرغبوا فيه لذلك، ولما مات وجدوه يقوت أهل مائة بيت.

ومن كلامه: إذا نصح العبد لله فى سره أطلعه على مساوى عمله فتشاغل بذنوبه عن معايب الناس. وقال: فقد الأحبّة غربة. وقال: عبادة الأحرار لا تكون إلا شكرا لله لا خوفا ولا رغبة. وقال: إن قوما عبدوه رهبة فتلك عبادة العبيد، وآخرين رغبة فتلك عبادة التجار، وقوما عبدوه شكرا فتلك عبادة الأحرار. وقال:

عجبت للمتكبر الفخور الذى كان بالأمس نطفة وسيكون جيفة، وعجبت لمن شك


(١) يروى عن أنس مرفوعا وذكره ابن الجوزى فى الموضوعات، وقال: إنما يعرف من كلام الفضيل بن عياض. راجع (تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث - تأليف عبد الرحمن ابن على المشهور بالديبع ط القاهرة ١٣٢٤ هـ. ط صبيح).