بكبار الطلبة مع شبيبتنا ولم نزل عنده إلى أن توفى، وكان قد طعن فى السن وضعف عن الحركة فرتب أربعة من المعيدين وكان بيده حل الأمور وعقدها وقد أثر فيه الهرم حتى صار كفرخ الطائر من الضعف لا يقدر على الحركة إلا بمشقة، وكانت النزلات تعتريه فى دماغه، فكان لا يفارق المكث فى القبة ويلبس الفرجية البرطاسى والثياب الكثيرة وتحته الطراحة الوثيرة فوق البسط ذوات الخمائل الثخينة ولا يخرج لصلاة الجمعة إلا فى شدة القيظ، وظهر عليه فى آخر عمره الخرف بحيث صار لا يعرف من يدخل عليه واستمر على هذا الحال مدة مديدة ثم مرض أياما قليلة وتوفى يوم الأربعاء رابع عشر صفر سنة اثنتين وثلاثين وستمائة ودفن بتربته المذكورة، وقد صنف كتاب ملجأ الحكام فى مجلدين ودلائل الاحكام يتعلق بالأحاديث المستنبط منها الأحكام فى مجلدين، وكتاب الموجز الباهر فى الفقه، وكتاب سيرة صلاح الدين أيوب، وجعل داره خانقاه للصوفية لأنه لم يكن له وارث ولازم القراء تربته مدة طويلة يقرأون القرآن انتهى باختصار كثير من تاريخ ابن خلكان.
[(بياض)]
قرية قديمة من قسم بنى سويف شرقى النيل تجاه بنى سويف بحاجر الجبل، وهى عدة كفور وأغلب أهلها نصارى ولذا تعرف ببياض النصارى، وفيها نخيل وأشجار وأطيانها ممتدة إلى جبل المرمر، وفى جنوبها على بعد ساعة ونصف تل قديم بين البحر والجبل، وفى شمالها بقليل بحاجر الجبل جبانة بنى سويف وما جاورها من البلاد، وفى شمالها أيضا بنحو نصف ساعة يوجد الجبس الجيد ممتدا شمالا إلى دير الميمون، وكثير من الحجارة وغيرهم يجمعه من الجبل ويحرقه ويسحقه ويتجر فيه، ومثل هذا الجبس يوجد بناحية الشيخ تمى بالجبل الشرقى تجاه ساقية موسى، ويقال إن الجبس لا يوجد بعد جبل الشيخ تمى فى جبال الصعيد، ويوجد فى عدة مواضع كشرق أطفيح وفى جبال الفيوم بكثرة فيما بين سيلة وهوارة وفى جنوب بياض على مسافة ساعتين محطة ورشة حجر المرمر، وهو فى الجبل مشرقا نحو اثنتى عشرة ساعة له طريق معتدلة تمشى فيها العربات التى تنقله، وفيها عيون الماء ويتوصل من تلك الطريق إلى البحر الأحمر وإلى الصحراء المتسعة الممتدة شمالا وجنوبا حتى يتصل بصحراء عيذاب، وفى وقتنا هذا أعنى سنة ألف ومائتين وثلاث وتسعين قد سافر الشيخ حسن أبو طالب ابن متعهد جبل الرخام سابقا إلى هذه