تولى المترجم الإمارة عوضا عن سيده مراد بيك فى سنة سبع ومائة وألف، وفى سنة عشر ومائة وألف ورد مرسوم من الدولة خطابا لحسين باشا والى مصر إذ ذاك بالأمر بالركوب على المتغلب عبد الله وافى المغربى بجهة قبلى، ومن معه من العرب، فجمع حسين باشا الأمراء ووقع الاتفاق على إخراج تجريدة، وأميرها المترجم وصحبته ألف نفر من الوجاقات، وقرر له على كل بلد شيئا من النقود، وجعلوا لكل نفر ثلاثة آلاف فضة، وللأمير عشرة أكياس فأجابهم إلى ذلك، وخلع عليه الباشا، وخرج فى يوم السبت سابع جمادى الآخرة من سنة عشر ومائة وألف بموكب عظيم، ونزل بدير الطين فبات به، وأصبح متوجها إلى قبلى، فلما وصل إلى الصعيد اجتهد فى محاربة العرب، وصار يخادعهم ويقاتلهم حتى شتت شملهم وفرق جمعهم، وحضر إلى مصر، ودخل بموكب حافل، والرؤوس محمولة معه، وطلع إلى القلعة وخلع عليه الباشا، ثم تولى كشوفية الأقاليم الثلاثة على ثلاث سنوات، ورجع إلى مصر، ثم حضر مرسوم بسفر عسكر إلى البلاد الحجازية، وعزل الشريف سعد وتولية الشريف عبد الله، فجهز الباشا تجريدة لذلك، وجعل أميرها إيواظ بك المذكور، وخلع عليه الباشا، وسافر فى غير أوان الحج، فلما وصل إلى مكة حارب الشريف سعدا، وملك دار السعادة، وأجلس الشريف عبد الله عوضه، وأقام بمكة إلى أوان الحج، فأتى إليه مرسوم بأنه يكون حاكم جدة، فأقام بها سنين، وحاز منها شيئا كثيرا، وكان الوكيل عنه بمصر يوسف جربجى الجزار عزبان، فكان يرسل له الذخيرة وما يحتاجه من مصر، وتولى إمارة الحج سنة اثنتين وعشرين، ورجع سنة ثلاث وعشرين، وقتل فى تلك السنة فى الفتنة التى وقعت بين العزب والينكجرية، ودفن بتربة أبى الشوارب، وكان أميرا خيرا شهما، حزن عليه كثير من الناس.
[ترجمة إسماعيل بيك]
وخلف ولده السعيد الشهيد إسماعيل بيك الشهير، وكان جميل الذات والصفات، تقلد الإمارة والصنجقية بعد موت أبيه فى الفتنة الكبيرة، وكان عمره اذ ذاك ست عشرة سنة، ثم ورد أمر بتقليده إمارة الحج، وألبسه عابدى باشا الخلع، وتسلم أدوات الحج، وأرسل غلال الحرمين، وعين أناسا لحفر الآبار المردومة، وتنقية الأحجار من طريق الحجاج، وقلد المناصب، وأمر عدة صناجق منهم محمد أخوه، المعروف بالمجنون، وتشيخ على البلد