للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطار صيته، وأخذ لأمرائه كشوفية الأقاليم، وطلع بالحج سنين آخرها سنة ثمان وعشرين فى أمن وأمان، ونظم الوجاقات السبعة، وبقى كذلك إلى أن حقد عليه محمد بيك جركس تابع إبراهيم بيك أبى شنب، وضم إليه جماعة من الفقارية مثل حسين بيك أبى يدك، وأخذ يحفر للمترجم، واتفقوا على غدره، ووقف له طائفة منهم بطريق الرميلة، وهو طالع إلى الديوان، فرموا عليه بالرصاص فلم يصبه، ثم بعد مناوشات حصلت بينهما اتفق أن مملوكا من مماليك محمد بيك جركس اشتكى للمترجم من تجارى أحد مماليكه على أخذ داره، فلم يسمع له دعوى، فاشتكى المملوك لسيده محمد بيك المذكور، فعرض القضية على حسن باشا الوالى، وكان يكره المترجم فى الباطن، فحرضه على قتله فى اليوم الذى يجتمع فيه أرباب الديوان، فلما اجتمعوا بالديوان أكمن حسن باشا الوالى كمينا لقتل جماعة المترجم بعد قتله، ثم لما استقر المترجم فى مكانه تقدم له المملوك وبث شكواه له واستجار به، ففزع فيه، وأظهر له الغضب، فعند ذلك بادر المملوك وضربه بخنجره فقتل من ساعته، فظهر الكمين فى الحال وقتل أتباعه فى حضرة الباشا، وذلك فى سنة ست وثلاثين ومائة وألف، ودفن مع أبيه بتربة أبى الشوارب المذكور، وله من العمر ثمان وعشرون سنة، وطلع أميرا بالحج ست مرات، ورثاه الشعراء بمراث كثيرة، ومن آثاره أنه جدد سقف الجامع الأزهر، وكان قد آل إلى السقوط، وأنشأ مسجد سيدى إبراهيم الدسوقى بدسوق، وكذا أنشأ مسجد سيدى على المليجى.

ومن فعاله الجميلة أنه كان يرسل غلال الحرمين فى أوانها، ويرسل القومانية إلى البنادر ويجعل فى بندر السويس والينبع والمويلح غلال سنة قابلة فى الشون لشحن السفن.

ولما بلغ خبر موته أهل الحرمين حزنوا عليه، وصلوا عليه صلاة الغيبة عند الكعبة، وكذا أهل المدينة صلوا عليه بين المنبر والمقام، وكان سكنه ببيت يوسف بيك الجزار، الذى بدرب الجماميز، المطل على بركة الفيل، المجاور لجامع بشتك. (انتهى ملخصا).

(قلت): وهذا البيت هو المعروف الآن ببيت مصطفى باشا، الذى به ديوان المدارس والأوقاف، وقد ذكرنا ترجمة يوسف بيك المذكور عند الكلام على شارع درب الجماميز من هذا الكتاب.