هذا المسجد بقرب العيون التى فوقها مجرى الماء السلطانى الواصل إلى القلعة فيما بينها وبين جامع عمرو، وقريب من فم الخليج فى وسط منازل صغيرة مسكونة بالفقراء وقبور كثيرة.
وهو مقام الشعائر، وله ميضأة ومرافق وبئر، وكان مهجورا متخربا فجدد وعمر فى سنة ثمانين ومائتين وألف على يد ناظره الشيخ أبى زيد إسماعيل كما هو مرقوم بأعلى بابه الغربى، وبه ضريح والد السيدة نفيسة ﵂ سيدى حسن المذكور، عليه قبة جديدة، وتحت تابوته حجر من الرخام مكتوب فيه اسم سيدى حسن الأنور ﵁، وبجوار هذا الضريح ضريحان: أحدهما لسيدى زيد الأبلج واسمه منقوش على قطعة حجر تحت تابوته، والآخر لسيدى جعفر، وليس له إيراد وإنما يصرف عليه من الأوقاف العمومية، وبجوار ميضأته شجرتان من اللبخ ونخلات. ويقال: إن هذا الجامع فى طرف من محل الجامع الجديد الناصرى الذى قال المقريزى فى خططه أنه بشاطئ النيل من ساحل مصر الحديد، عمره القاضى فخر الدين محمد بن فضل الله ناظر الجيش باسم الملك الناصر محمد بن قلاوون، وانتهت عمارته سنة اثنتى عشرة وسبعمائة، وأقيمت فيه الجمعة حينئذ. وله أربعة أبواب، وفيه مائة وسبعة وثلاثون عمودا، وذرعه أحد عشر ألف ذراع وخمسمائة ذراع بذراع العمل، وما برح من أحسن المنتزهات إلى أن خرب ما حوله انتهى.
ثم زالت آثاره بالكلية، وقيل إنه كان فى محل السبع السواقى ذات البناء الضخم بجوار فم الخليج التى تنقل الماء من النيل إلى مجراة القلعة. ويدل للأول ما اشتهر أن الفرنساوية زمن دخولهم مصر وجدوا هناك كثيرا من العمد الرخام الضخمة وأحجارا ونحو ذلك.
وفى خطط المقريزى أن سيدى حسن والد السيدة نفيسة هو الحسن بن زيد بن الحسن بن على ابن أبى طالب، كان له من الأولاد: القاسم، ومحمد، وعلى، وإبراهيم، وزيد، وعبيد الله، ويحيى، وإسماعيل، وإسحاق، وأم كلثوم، ونفيسة. وكان سيدى حسن والى المدينة النبوية من قبل أبى جعفر عبد الله بن محمد المنصور، وكان فاضلا أديبا عالما، وأمه أم ولده توفى أبوه وهو غلام وترك عليه دينا وهو أربعة آلاف دينار؛ فحلف الحسن ولده أن لا يظل رأسه سقف إلا سقف مسجد رسول الله ﷺ أو بيت رجل يكلمه فى حاجة حتى يقضى دين أبيه، فوفاه وقضاه بعد ذلك. ويقال: إنه كان مجاب الدعوة ممدوحا، وإن شخصا وشى به إلى أبى جعفر المنصور أنه يريد الخلافة لنفسه، فإنه كان قد انتهت إليه رياسة