للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمير النيروز، فيقرر مبالغ على كل أمير، فمن أعطاه ما رسم كفّ عنه، وإلا أشبعه ذما وشتما.

وكانوا يقفون فى الطرقات، ويرشّون من مرّ بالمياه النجسة، ويضربونهم بالبيض النىّء، وغير ذلك من القبائح، حتى كانت الناس فى ذلك اليوم لا يخرجون من بيوتهم، ويغلقون دكاكينهم، وتتعطل الأشغال جميعها.

وقبل موته كان قد عين للأتابكية أيتمش البجاسى عوضا عن كمشبغا (١)، فلما اشتد عليه المرض، جعل ابنه ولى عهده.

***

[تولية الملك الناصر أبى السعادات فرج]

فلما مات تولى ابنه الملك الناصر زين الدين أبو السعادات فرج سنة إحدى وثمانمائة، وعمره نحو العشر سنين، فلم يلبث أن قام أيتمش بمماليكه يريد خلع السلطان، فتحزّب عليه مماليك الظاهر، مع كثير من الأمراء، وانتشب الحرب بين الفريقين فى الرميلة، وحول القلعة، فانهزم أيتمش، وفر إلى الشام، وقتل فى هذه الوقعة كثير من الناس، ونهب العوام بيوت الأمراء الذين هربوا معه، ونهبوا مدرسة أيتمش، التى عند باب الوزير، وأحرقوا ربعه المجاور للمدرسة، وحفروا قبر أولاده، بظن أن فيه مالا، فلم يعثروا على شئ، ونهبوا جامع آق سنقر المجاور لدار أيتمش - وهو المعروف بجامع إبراهيم أغا بالتبّانة، ونهبوا قبة خوند زهراء بنت الملك الناصر محمد بن قلاوون، المجاورة لدار أيتمش، ونهبوا وكالة أيتمش، ومدرسة السلطان حسن، وأحرقوا بابها لكون أيتمش كان يحاصر القلعة منها.

ولم يزل النهب مستمرا مدة يومين، وازداد أمر العوام، حتى كسروا باب حبس الرحبة وأطلقوا من كان به من المحابيس، وماجت المدينة، وتعطل البيع والشراء، واضطربت أحوال الناس، وتعيّن بدل أيتمش فى الأتابكية بيبرس السيفى، فهدأت الحال فى المدينة، والتف أيتمش على بعض نواب الشام، وعثوا هناك بالقتل والسلب، فجهّز إليه السلطان جيشا جرارا وسار إليه.

وبعد وقعات قبض على أيتمش، وقطع رأسه، وقتل كثيرا ممن معه، وأرسل برأسه فعلق على باب رويلة، ثم رحل إلى مصر، ودخلها فى موكب هائل.

ولما دخلت سنة ثلاث وثمانمائة كانت عساكر تيمورلنك قد انتشرت فى جميع جهات الشام، ودمّروا ما وصلوا إليه من البلاد، لا سيما حلب فإنه تمكن منها بعد محاربته، وانهزام


(١) فى الطبعة الأولى «كشمبغا» والتصحيح والضبط للمرحوم أحمد تيمور.