على ذلك. وفى زمن عبد الله بن شعيب المعروف بابن بنت وليد القاضى، حضر رجل من أهل العراق ومعه مصحف ذكر أنه مصحف عثمان بن عفان ﵁، فأخذه أبو بكر الخازن وجعله فى الجامع وشهره، وجعل عليه خشبا منقوشا، وكان الإمام يقرأ فيه يوما وفى مصحف أسماء يوما، ولم يزل على ذلك إلى أن رفع هذا المصحف واقتصر على القراءة فى مصحف أسماء، وذلك فى سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة أيام العزيز بالله.
قال القضاعى: ولم يكن الناس يصلون بالجامع بمصر صلاة العيد، حتى كانت سنة ست أو ثمان وثلاثمائة فصلى فيه رجل يعرف بعلى بن أحمد بن عبد الملك الفهمى، ويعرف بابن أبى شيخة، صلاة الفطر، ويقال إنه خطب وحفظ عنه: اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مشركون. فقال بعض الشعراء:
وقام فى العيد لنا خاطب* … فحرض الناس على الكفر
توفى سنة تسع وثلاثمائة.
وكان بالجامع عدة زوايا للتدريس، منها:
[زاوية الإمام الشافعى ﵁]
يقال: إنه درس بها فعرفت به. وفى وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان لابن خلكان، قال الخطيب البغدادى فى تاريخه: لما مرض الشافعى مرضه الذى مات فيه، جاء محمد بن عبد الحكم ينازع البويطى فى مجلس الشافعى، فقال البويطى: أنا أحق به منك. وقال ابن عبد الحكم:
أنا أحق بمجلسه منك. فقال أبو بكر الحميدى قال الشافعى: ليس أحد أحق بمجلسى من يوسف بن يحيى-يعنى البويطى-وليس أحد من أصحابى أعلم منه. فقال له ابن عبد الحكم: كذبت. فقال الحميدى: كذبت أنت وكذب أبوك وكذبت أمك. فغضب ابن عبد الحكم وترك مجلس الشافعى وتقدم فجلس فى الطاق، وترك طاقابين مجلس الشافعى ومجلسه، وجلس البويطى فى مجلس الشافعى فى الطاق الذى كان يجلس فيه اه.
[زاوية المجدية]
مصدر الجامع داخل المقصورة الوسطى بجوار المحراب الكبير، رتبها مجد الدين أبو الأشبال الحرث بن مهذب الدين أبى المحاسن مهلب بن حسن بن بركات بن على بن غياث المهلبى الأزدى البهنسى الشافعى، وزير الملك الأشرف موسى بن العادل أبى بكر بن أيوب، ورتب فى تدريسها قريبه قاضى القضاة وجيه الدين عبد الوهاب البهنسى، وعمل عليها عدة أوقاف بمصر والقاهرة، وتوفى المجد فى صفر سنة ثمان وعشرين وستمائة بدمشق عن ثلاث وستين سنة.