للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التى يكون فيها الملك، تتغالى الأمراء من المصريين فى مثل هذه الأمور وتهيئها بهيئات متنوعة، ويكتبون اسم الملك ومناقبه فيما عملوه بضروب من الحيل، فينتج من ذلك منظر بهيج يمتد فى الطول والعرض لمسافة بعيدة، وكانت تنصب أسواق ليجد كل إنسان ما يلزم له، فكان يوجد جميع أنواع الأشياء التى تؤكل وغيرها، وهذه الأسواق تصنع فى الحال للغرض المقصود، بعضها فوق الأرض، وبعضها فى المراكب، وكان يجتمع فيها أنواع القصف والملاهى، وذكر المؤرخون أنه كان يجتمع فيها من الناس ما يقرب عدده من ستمائة ألف نفس، وكانت توجد بيوت كثيرة للضيافة موزعة فى الجهات، بعضها مقرر فى المدن والبلاد الكبيرة، وبعضها يعمل فى زمن هذه التنقلات، لأجل أن يتيسر السفر لكل إنسان من غير مشقة ولا صعوبة.

[[مطلب عوائد المصريين عند وفاء النيل]]

ثم إن المؤرخين قد ذكروا أنه كان للمصريين عوائد كثيرة يجرونها عند وفاء النيل، فمن ضمنها تغريق بنت بكر من أجمل البنات، بعد أن يجملوها بأحسن الملابس وأفخر الحلى، ويعملوا لذلك فرحا، وبقيت هذه العادة جارية إلى زمن [قنسطنطين] (١) على ما يقال، فأمر هذا القيصر بإبطالها، وأصدر أوامره بذلك لأجل أن لا تعاد.

ومع ذلك يظهر أن هذه العادة غلبت على أوامر هذا القيصر؛ لأن المنقول عن مؤرخى العرب أن هذه العادة كانت جارية عند دخول المسلمين الديار المصرية؛ لأن الأقباط المصريين طلبوا من عمرو بن العاص التصريح بإجرائها لأجل أن يجرى النيل، وكان قد توقف إلى آخر شهر مسرى، فلم يرخص لهم بذلك.


(١) فى الأصل: قسطنطين. والصحيح ما أثبتناه.