وقد ذكر المقريزى فى الكلام على المدارس، أنه ولد بها الصاحب صفى الدين، وهو الذى أنشأ المدرسة الصاحبية بالقاهرة، وهو:
عبد الله بن على بن الحسين بن عبد الخالق بن الحسين بن الحسن بن منصور بن إبراهيم بن عمار بن منصور بن على صفى الدين أبو محمد الشيبى الدميرى المالكى، المعروف بابن شكر، ولد بناحية دميرة إحدى قرى مصر البحرية فى تاسع صفر سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، ومات أبوه فتزوجت أمه بالقاضى الوزير الأعز فخر الدين مقدام ابن القاضى الأجل أبى العباس أحمد بن شكر المالكى، فرباه ونوه باسمه، لأنه كان ابن عمه، فعرف به وقيل له ابن شكر.
وسمع صفى الدين، من الفقيه أبى الظاهر إسماعيل بن مكى بن عوف، وأبى الطيب عبد المنعم بن يحيى وغيره. وحدث بالقاهرة ودمشق وتفقه على مذهب مالك وبرع فيه، وصنف كتابا فى الفقه كان كل من حفظه نال منه حظا وافرا، وقصد بذلك أن يتشبه بالوزير عون الدين بن هبيرة.
كانت بداية أمره أنه لما سلم السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب أمر الأسطول لأخيه الملك العادل أبى بكر بن أيوب، وأفرد له من الأبواب الديوانية:
الزكاة بمصر والجبس الجيوشى بالبرين والنطرون والخراج، وما معه من ثمن القرظ وساحل السنط، والمراكب الديوانية/واسنا وطنبدا. استخدم العادل فى مباشرة ديوان هذه المعاملة، صفى الدين بن شكر، هذا، وكان ذلك فى سنة سبع وثمانين وخمسمائة، ومن حينئذ اشتهر ذكره وتخصص بالملك العادل، فلما استقل بمملكة مصر فى سنة ست وتسعين وخمسمائة عظم قدره، ثم استوزه بعد الصنيعة ابن النجار، فحل عنده محل الوزراء الكبار والعلماء المشاورين، وباشر الوزارة بسطوة