من بعد الأعمال التى تقدم الكلام عليها، زمن المرحوم محمد على باشا، لم تعمل أعمال مهمة فى المينا إلى زمن الخديو إسماعيل، مع أنه قد حصل قبل جلوس حضرته على التخت أمور جسيمة، كان يخشى منها تحويل التجارة عن ثغر إسكندرية، لولا أن تداركها بهمته العلية منها:
الترعة المالحة المتصلة بالبحرين الأحمر والرومى، فإنه لولا ما عمل بمينا الإسكندرية، لانتقلت المتاجر المشرقية والمغربية إليها، لما يرى التجار بها من السهولة. بالنسبة لمينا إسكندرية، فإنهم كانوا بعد وصولهم إليها ينقلون بضائعهم بالسكة الحديد، ثم منها إلى البحر الأحمر، وفى ذلك من المشقة وكثرة المصاريف ما لا يخفى بخلاف طريق القنال، ولذلك لما تم أمرها، وجرت السفن بها، تحول كثير من التجار إلى بورت سعيد، الذى أنشئ على شاطئ البحر الرومى، عند فم القنال شرقى مدينة دمياط، وجعلوه مركزا لتجارتهم، وبنوا به منازل لإقامتهم لما رأوه من السهولة وقرب المسافة، فلما كان ذلك كله معلوما لدى الحضرة الخديوية، وجه إليه أنظاره الصائبة، وأعمل فيه أفكاره الثاقبة، وعوّض إسكندرية عن ذلك مزايا حسنة، حوّلت الرغبة فى طريق القنال إلى ذلك الثغر بما أبدع فيه من الأعمال.
[مطلب حوض المينا]
وأوّل مزية جادت بها هممه العلية على المينا، عمل حوض بها من الحديد لعمارة السفن يعرف بالدوك، اصطنعه فى بلاد فرنسا سنة ١٢٨٥ هجرية، طوله ١٤٠ مترا، وعرضه ٣٣ مترا، وعمقه ١١ مترا، وزنته ثلاثة ملايين وثمانمائة ألف كيلوجرام، وبه آلتان بخاريتان