لنزحه قوّتهما ٢٥ حصانا بخاريا، وقيمة ما صرف فى اصطناعه مائة وستة وعشرون ألفا وثلثمائة وستة وثلاثون جنيها مصريا، وله باب يفتح ويقفل بحسب الطلب، وخوخ لإدخال الماء فيه بعد إتمام العمارة ليتأتى خروج السفينة منه، فحصل من ذلك السهولة التامة والمنافع العامة، لأن الحوض الأول الذى كان معمولا من البناء لم يكن قابلا لكافة السفن، بسبب عظم أبعاد بعضها، فضلا عما تجدد فى هذا العصر مما هو أعظم منها، ومع ذلك/كان يستغرق زمنا طويلا فى استعداده عند الحاجة إليه، بخلاف الحوض الحديد فإنه واف بجميع ذلك، وفى الزمن اليسير يصير استعداده، ودخول السفينة فيه وتعميرها بمصرف أقل من الأول.
ولا يخفى أن وجود الحوض فى المين من ضرورياتها اللازمة، سيما المين الكبيرة المطروقة كمينا إسكندرية، لأن السفن دائما عرضة لغوائل كثيرة مثل ملاطمتها للصخور، واصطدامها بالشعاب أو ببعضها، وقد يزول طلاؤها بالماء وبالعوارض الجوية، فيضر ذلك بها. ومن إقامتها الأزمان الطويلة فى البحر، عادة، يلتصق بظاهرها المحار، ويتراكم على بعضه فيورثها ثقلا، ويعطلها عن سيرها.
فبواسطة تلك العوارض لا تستغنى عن العمارة، أو الدهن أو المسح، ولا يتيسر ذلك إلا بانكشاف الماء عنها، لأن خللها غالبا يكون فيما غمره منها، فلا يتمكن من إصلاحه-كما يجب-إلا بانكشافه، وأما عمل الغطاسين فلا ينفع إلا فى الخروق الصغيرة وما أشبهها.
ولا شك أن المبادرة بسدّ خلل السفن وعمارتها من أهم الأمور، إذ لو تركت بلا إصلاح، لأسرع إليها التلف، وربما انخرقت فى حال سيرها. فيحصل فضلا عن غرقها وضياعها على أربابها تلف أنفس وأموال جسيمة. ومن غير الحوض يتعذر أو يتعسر إخراج السفن إلى البر، سيما الكبيرة جدا مع إحتياج ذلك إلى مصرف زائد وأعمال شاقة ليست فى طاقة كل إنسان.
وبالجملة فلم يجد أصحاب الأفكار السليمة، من قديم الزمان، لهذه المعاناة الشديدة أنفع من الحوض.