[(المبحث الثامن فى ذكر الصنم الذى بين الهرمين الكبيرين)]
هذا الصنم يقال له اليوم أبو الهول، وكان أولا يعرف ببلهيب، كما فى خطط المقريزى. وقال أيضا قال القضاعى: صنم الهرمين وهو (بلهوبة) صنم كبير من حجارة فيما بين الهرمين، لا يظهر منه سوى رأسه فقط، تسميه العامة (بأبى الهول) ويقال (بلهيب). ويقال إنه طلسم للرمل؛ لئلا يغلب على إبليز الجيزة.
وفى كتاب عجائب البنيان: وعند الأهرام رأس وعنق بارزة من الأرض فى غاية العظم تسميه الناس أبا الهول، ويزعمون أن جثته مدفونة تحت الأرض، ويقتضى القياس بالنسبة الى رأسه أن يكون طوله سبعين ذراعا فصاعدا. وفى وجهه حمرة ودهان يلمع عليه رونق الطراوة، وهو حسن الصورة، مقبولها، عليها مسحة بهاء وجمال، كأنه يضحك تبسما.
قال: وسئل بعض الفضلاء عن عجيب ما رأى فقال: تناسب وجه أبى الهول، فإن أعضاء وجهه كالأنف والعين والأذن متناسبة، كما تصنع الطبيعة الصور متناسبة، فإن أنف الطفل مثلا مناسب له، وهو حسن به حتى لو كان ذلك الأنف لرجل كان مشوها، وكذلك أنف الرجل لو كان لصبى لتشوهت صورته، وعلى هذا سائر الأعضاء، فكل عضو ينبغى أن يكون على مقدار ماهيته بالقياس إلى الصورة وعلى نسبتها، والعجب من مصوره كيف قدر أن يحفظ التناسب للأعضاء مع عظمها، وأنه ليس فى أعمال الطبيعة ما يحاكيه.
ويقال إن طائفة من أهل مصر أخرجوا أتريب بن قبط بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح ﵇ من قبره، ووضعوه على سرير، فتكلم لهم الشيطان على لسانه حتى افتتنوا به وسجدوا له وعبدوه، وكانوا قد قتلوا أخاه صا ودفنوه فى شاطئ النيل، فكان إذا زاد لا يعلو قبره، فافتتن به طائفة، وصاروا يسجدون لقبره كما سجد أولئك لا تريب، فعمد آخرون إلى جحر فتحوه على صورة