فيهم الأموال، ولم يوافق أهل الشأم على سلطنتها وطلبوا الملك الناصر صلاح الدين يوسف صاحب حلب فسار إلى دمشق وملكها؛ فانزعج العسكر بالقاهرة وتزوج الأمير عز الدين أيبك التركمانى بشجرة الدر ونزلت له عن السلطنة وكانت مدتها ثمانين يوما، انتهى.
[مطلب تولية شجرة الدر السلطنة]
وفى تاريخ الإسحاقى: أن شجرة الدر تولت السلطنة ثلاثة شهور وكانت آخر الدولة الأيوبية، وخلعت نفسها لزوجها المعز أيبك التركمانى فأقام فى المملكة إلى أن قتل.
وسبب قتله: أنه لما تزوجها وسلمت إليه الأمر خطب عليها بنت بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل؛ فبلغها ذلك وأخذها ما يأخذ النساء من الغيرة فتغيرت عليه وتغير عليها وكرهها لأنها كانت تمنّ عليه بأنها ملكته مصر وسلمت إليه الخزائن والأموال، وكانت تتصرف فى مملكته وتأمر وتنهى ومنعته من الاجتماع بزوجته أم ولده نور الدين حتى ألزمته بطلاقها، ولما تمكن الغيظ منه نزل إلى قناطر اللوق وأقام بها أياما؛ فبعثت إليه من حلف عليه وتلطف به وسكن غيظه فطلع إلى القلعة وكانت قد أعدت له من يقتله؛ فلما صعد إليها ودخل الحمام ليلا دخلت عليه ومعها خمسة خدام فأخذ بعضهم بأنثييه وبعضهم بخناقه فاستغاث بها، فقالت لهم: اتركوه. فقالوا: متى تركناه لا يبقى علينا ولا عليك، ثم قتلوه.
فتملك بعده ولده نور الدين المنصور فقبض على شجرة الدر ودخل بها على أمه فقتلها الجوارى بالقباقيب ورماها فى الخندق وهى عريانة على باب القلعة، وبعد أيام دفنت فى التربة التى كانت قد أعدتها لنفسها، فالدهر قد جازاها من جنس العمل لأنها سعت فى قتل الملك المعظم فقتل غريقا حريقا، وترك ثلاثة أيام على شاطئ البحر.
قال الشاعر:
من يحتفر حفرة يوما يصير لها … فإن حفرت فوسع حين تحتفر
وسبب قتل الملك المعظم توران شاه ابن الملك الصالح: أنه بعد أن تولى الملك أخذ يهدد زوجة أبيه شجرة الدر ويطالبها بمال أبيه فخافت وكاتبت مماليك الملك الصالح وأخذت تحرضهم عليه؛ وكان الملك المعظم فيه هوج وخفة وميل إلى العكوف بملاذه فنفرت منه النفوس وأخذ فى إبعاد مماليك أبيه، وكان إذا سكر أوقد الشموع وضرب رؤوسها بالسيف وقال: هكذا أفعل بالمماليك البحرية. فاتفقوا على قتله فدخلوا عليه وفى أيديهم