السيوف مجردة فهرب إلى برج خشب كان على شاطئ النيل فأدركوه وضربوه بالسيوف فدخل البرج وأغلق بابه فأطلقوا النار فى البرج وهو يقول: ما أريد ملككم دعونى أرجع إلى الحصن يا مسلمين. فلم يجبه أحد وقطعوه بالسيوف فمات غريقا حريقا ثم تولت المملكة بعده، انتهى.
وفى بدائع الزهور: أنه لما وقع الاتفاق على سلطنة شجرة الدر بايعها القاضى تاج الدين ابن بنت الأعز بالسلطنة على كره منه.
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: لما تولت شجرة الدر للسلطنة عملت مقامة وذكرت فيها: بماذا ابتلى الله الناس بولاية امرأة عليهم. وعند ولايتها ألبسوها خلعة السلطنة وهى قندورة محمل مرقومة بالذهب، وقبّل لها الأمراء الأرض من وراء حجاب، ثم أنعمت بالوظائف السنية على الأمراء وفرقت الأقاطيع الثقال على المماليك، وأغدقت بالأموال والخيول وساست الرعية وخطب باسمها على المنابر بمصر وأعمالها، ويقولون بعد الدعاء للخليفة: واحفظ اللهم الجهة الصالحية ملكة المسلمين عصمة الدنيا والدين أم خليل، وإلى شجرة الدر تنسب نوبة خاتون التى تدور فى القلعة بعد العشاء، ولما بلغ المعتصم بالله وهو ببغداد أن أهل مصر سلطنوا امرأة أرسل يقول: إن لم يكن عندكم رجال تصلح للسلطنة فنحن نرسل من يصلح لها أما سمعتم قول رسول الله ﷺ: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»(١).
وقد قيل:
النسا ناقصات عقل ودين … ما رأينا لهن عقلا سنيا
ولأجل الكمال لم يجعل الل … هـ تعالى من النساء نبيا
فلما بلغها ذلك وبلغ الأمراء والقضاة خلعت نفسها من السلطنة وتزوجت بالأمير أيبك التركمانى وكانت تمن عليه وتقول: لولا أنا ما وصلت إلى السلطنة.
وكانت تركية الجنس شديدة الغيرة فبلغها أن الملك أيبك يخطب بنت صاحب الموصل؛ فصار بينهما وحشة من كل وجه وأضمرت له السوء، ولما طلع إليها لاقته وقبلت يده من غير عادة فظن أن ذلك على وجه الرضا فكان كما قيل:
(١) رواه أحمد فى مسنده والبخارى والترمذى والنسائى عن أبى بكرة. راجع (الجامع الصغير فى أحاديث البشير النذير للسيوطى).