وذوى الحاجات، فيعدون ذلك كشفا واطلاعا على ما فى أنفسهم وخطرات قلوبهم، بسبب نسبتهم هذه أنهم كانوا يسكنون بسويقة البكرى لا أنهم من البكرية، ولم يزل هذا حاله إلى أن توفى فى سنة سبع ومائتين وألف، واجتمع الناس لمشهده من كل ناحية، ودفنوه بمسجد الشرايبى بالقرب من جامع الرويعى فى قطعة من المسجد، وعملوا على قبره مقصورة ومقاما يقصد للزيارة، واجتمعوا عند مدفنه فى ليال وميعادات وقراء ومنشدين، وتزدحم عنده أصناف الخلائق، ويختلط النساء بالرجال، ومات أخوه أيضا بعده بنحو سنتين. (انتهى).
[ترجمة الشيخة أمونة]
وذكر الجبرتى أيضا فى حوادث سنة ألف ومائتين أن الشيخ على البكرى كانت تمشى خلفه امرأة تعرف بالشيخة أمونة، وتتوجه معه أينما يتوجه وهى بإزارها، وتخلط فى ألفاظها وتدخل معه البيوت وتطلع الحريمات، واعتقدها النساء وهادوها بالدراهم والملابس وأشاعوا أن الشيخ لحظها وجذبها، وصارت من الأولياء، ثم ارتقت فى درجات الحذب، وثقلت عليها الشربة، فكشفت وجهها، ولبست ملابس كالرجال، ولازمته أينما يتوجه ويتبعهما الأطفال والصغار وهوام العوام، ومنهم من اقتدى بهما أيضا ونزع ثيابه وتحنجل فى مشيه، وقالوا إنه اعتراض على الشيخ والمرأة، فجذبه الشيخ أيضا، أو أن الشيخ لمسه فصار من الأولياء وزاد الحال، وكثر خلفهم أوباش الناس، وصاروا يخطفون الأشياء من الأسواق، ويصير لهم فى مرورهم ضجة عظيمة، وإذا جلس الشيخ فى مكان وقف الجميع، وازدحم الناس للفرجة عليه، وتصعد المرأة على دكان أو علوة وتتكلم بفاحش القول ساعة بالعربى ومرة بالتركى، والناس تنصت لها، ويقبلون يديها ويتبركون بها، وبعضهم يضحك، ومنهم من يقول الله الله، وبعضهم يقول دستور يا أسيادى، وبعضهم من يقول لا تعترض بشئ، فمر الشيخ فى بعض الأوقات على مثل هذه الصورة والضجة، ودخلوا من باب بيت القاضى الذى من ناحية بين القصرين، وبتلك العطفة سكن بعض الأجناد يقال له جعفر كاشف، [فقبض على الشيخ وأدخله إلى داره ومعه المرأة وباقى المجاذيب، فأجلسه وأحضر له شيئا يأكله، وطرد الناس عنه، وأدخل المرأة والمجاذيب إلى الحبس، وأطلق الشيخ لحال سبيله،]