واستمر على ذلك حتى وثب طومان باى على الظاهر قانصوه وخلعه من السلطنة، فوقع الاتفاق على سلطنته على كره من الأمراء والعساكر، وكان ملء العيون كفئا للسلطنة وافر العقل.
وفى حال سلطنته أكثر من مصادرات الأمراء والأعيان والكتاب، لم يرحم مسلما ولا نصرانيا ولا يهوديا. ولما أكثر من الظلم وحصل منه فى مدة سلطنته القليلة ما لم يحصل من غيره فى الأزمان الطويلة انتهى أمره بأن قام عليه طومان باى، وحاصره بالقلعة، ثم أخذه وحبسه فى البرج بالإسكندرية، وذلك فى شهر رجب سنة ست وتسعمائة، ثم بعد ذلك خنقه.
(انتهى ملخصا)
[جامع الحاكم بأمر الله]
ثم جامع الحاكم بأمر الله أسسه أمير المؤمنين نزار بن المعز لدين الله معد سنة ثمانين وثلثمائة، وكان يعرف أولا بجامع الخطبة، ويقال له الجامع الأنور. وفى سنة إحدى وأربعمائة أكمله ولده الحاكم بأمر الله، وتم فى سنة ثلاث وأربعمائة.
وفى سنة اثنتين وسبعمائة تزلزلت أرض مصر والقاهرة، وسمع للحيطان قعقعة، وللسقوف فرقعة، فكان هذا الجامع مما تهدم فى هذه الزلزلة.
وفى سنة ستين وسبعمائة فى الولاية الثانية للملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون جدد هذا الجامع، وأضاف على أوقافه أوقافا.
وفى سنة اثنتين وعشرين ومائتين وألف جدّد به نقيب الأشراف السيد عمر مكرم أربع بوائك من مؤخره، فجعلت مسجدا به منبر وخطبة ومطهرة وأخلية، وله فى الروزنامجة بعض أحكار. وباقى الجامع متهتك الحرمة، وبعض الواردين من الشام يصنعون فيه قناديل الزجاج والأكواب، والحريريون يفتلون فيه الحرير.
ولم يبق من أبوابه السبعة مفتوحا إلا اثنان: الباب الموصل إلى باب النصر، وباب سوق الليمون.
وبجواره من الجهة الغربية مدفن قديم عليه قبة مرتفعة يعرف بمدفن الساعى، وفيه شواهد عليها أسماء بعض الموتى المدفونين هناك.
وعلى سور الجامع مزاغل للمحاصرة وأماكن صغيرة معقودة بعقود هندسية. وهناك كتابات بعضها بالقلم الكوفى، وبعضها بالهيروجليفى، وآثار تشبه آثار قدماء المصريين، وبئر بقرب باب النصر فى غاية المتانة. وهو الآن غير مقام الشعائر لتخربه.