للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حادثة الخواجا لطفى]

وذكر الجبرتى فى حوادث سنة أربعين ومائة وألف فى ترجمة محمد بيك جركس أنه كان بحارة «السبع قاعات» دار الخواجا لطفى النطرونى، وكان من مياسير التجار، ومشهورا بكثرة المال والثروة، وقد كف بصره، وكانت الكلمة فى مصر فى ذاك الوقت للأمير محمد بيك جركس، وكان ظالما غشوما جبارا عنيدا سار فى الناس بالعسف والجور، واتخذ له سراجا من أقبح خلق الله وأظلمهم وكان يعرف بالصيفى، ورخص له فيما يفعله من الظلم وغيره، ولا يقبل فيه قول أحد، واتخذ له أعوانا من جنسه، وكلهم على طريقته فى الظلم والتعدى، فكانوا يأخذون الأشياء من الباعة ولا يدفعون لها ثمنا، ومن امتنع عليهم ضربوه بل قتلوه، وساروا يختطفون النساء والأولاد من الطرقات. ومن جملة أفاعيلهم القبيحة أنهم صاروا يدخلون بيوت التجار فى شهر رمضان فلا ينصرفون حتى يأخذ الواحد منهم أطلسية وشاشا وخمسة زنجرليات، فكانت أعيان الناس من التجار وغيرهم يدخلون بيوتهم من العصر، ويقفلون أبوابها فلا يفتحونها إلى الصباح. ومن جملة أفاعيلهم الخبيثة أنه دخل منهم رجلان بيت الخواجا لطفى المذكور بعد صلاة العشاء ووقف منهم أربعة على باب الدرب، وقتلوه بالخناجر، وأخذوا ما أخذوه وانصرفوا، ثم بعد ذلك حضر الصيفى، فأخذ ما بقى فى الدار من نقد ومتاع وتمسكات وحجج وتقاسيط، وغير ذلك من أفاعيلهم القبيحة.

وكان الوالى فى ذاك الوقت أحمد أغا المعروف بلهلوبة وكان على طريقتهم، وزاد تجبر محمد بيك جركس وظلمه وزادت شناعة أتباعه، فكان يقع منهم فى اليوم الواحد عدة أمور قبيحة وشرور فظيعة، وقد أطال الجبرتى فى ترجمته وما فعله هو وأتباعه من القبائح، وقال كان أصله من مماليك يوسف بيك القرد، وكان معروفا بالفروسية من بين مماليك سيده، فلما مات سيده فى سنة سبع ومائة وألف أخذه إبراهيم بيك أبو شنب، وأرخى لحيته وعمله قائم مقام الطرانة، وتولى كشوفية البحيرة مرارا، ثم إمارة جرجا، وسافر إلى الروم سر عسكر على السفر سنة ثمان وعشرين ومائة وألف، وحضر فى سنة ثلاثين فوجد أستاذه قد توفى.

[ترجمة محمد بيك جركس]

وتقلد ابنه محمد بيك إمارة أبيه وسكن داره، والكلمة والإمارة إلى إسماعيل بيك ابن إيواظ، فمالت نفسه إلى الشهره ونفاذ الكلمة، واستولى عليه وعلى ابن سيده الحسد والحقد