فبلغ ذلك محمد بك فتهيأ للقائه ومحاربته وأبرز خيامه إلى جهة العادلية ونصب الصيوان الكبير هناك، وهو صيوان صالح بك فى غاية من العظم والاتساع والعلو، وجميعه بدوائر من جوخ صاية وبطانته بالأطلس الأحمر، وطلائعه وعساكره من نحاس أصفر مموّه بالذهب، فأقام يومين حتى تكامل خروج العسكر، فارتحل فى خامس صفر فالتقى مع جيش على بك بالصالحية وتحاربا فكانت الهزيمة على (على بك) وسقط عن جواده، فاحتاطوا به وحملوه إلى خيام محمد بك، فخرج إليه وتلقاه وقبل يده وحمله من تحت إبطه حتى أجلسه بصيوانه، وفى صبح يوم السبت حضر إلى مصر، وأنزل أستاذه فى منزله بالأزبكية بدرب عبد الحق، وكان قد انجرح فى وجهه فأجرى عليه الأطباء فلم ينجع فيه ذلك ومات بعد سبعة أيام، وقيل: إنه سم فى جراحاته. انتهى.
وقد ذكرنا ترجمته فى الكلام على منية ابن خصيب.
[(صحراء عيذاب)]
بكسر العين المهملة وبالذال المعجمة وآخره موحدة كما فى القاموس، هذه الصحراء فى الصعيد الأعلى/واقعة فى جهة النيل الشرقية، بين مدينتى قفط والقصير، وهى الآن على ما كانت عليه فى الأزمان الماضية مسكونة بالعرب، وأول من حول طريق التجارة إليها بطليموس فيلود ولفوس سنة ٣٢٠ قبل الميلاد، فكانت فى زمنه وزمن من أعقبه من البطالسة هى الطريق المطروق لتجارة الهند إلى الديار المصرية والأروباوية، ولم يتغير هذا الطريق فى زمن قياصرة الروم، إلا أن أهمية التجارة كانت تزيد وتنقص على حسب الأحوال السياسية، ولأجل أن يأمن أهل التجارة على أنفسهم وأموالهم من غائلة العرب، جعل بطليموس فى جميع هذه الطريق عمارات ومخازن